الإثنين, 23 كانون1/ديسمبر 2024
Blue Red Green

  • أخبار سريعة
أخبار قانونية: وفاة رئيس القضاء السوداني مولانا حيدر احمد دفع الله - السبت, 24 تشرين2/نوفمبر 2018 18:45
الرئيسية أقسام قانونية متنوعة قضية سودانية قضية رأي عام ما فعلته أخف الأضرار . . . و أحكي لك عن حالات مؤثرة جداً

ما فعلته أخف الأضرار . . . و أحكي لك عن حالات مؤثرة جداً

ما فعلته أخف الأضرار.. وأحكي لك حالات مؤثرة جداً..!.

المسألة ليست قروش.. وإنما قناعات.. ولابد من التوعية الجنسية..!

هذه الواقعة مؤلمة جداً.. والسبب التفكك الأسري..!

جاءني ولد في سن الـ«18».. وبنت عمرها«15».. إنها ماسأة حقيقية..!

تأتي إلَّي أسر.. وواحدة كانت في طريقها للموت بسبب الداية..!

في وجود الفضائيات والموبايل والأنترنت أصبحت هناك إباحية..!

في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك وفي منتصف النهار.. في الباحة الخلفية لسجن كوبر..حيث نصبت إدارة السجن خيمة ضخمة لإستقبال الزائرين لذويهم، وكانوا على شكل مجموعات.. كل أربعة أو خمسة أشخاص يجلسون في كراسي بشكل دائري ـ أي عوائل ـ حيث لا تخلو الزيارة من أطفال ونساء وكبار سن.

جلست في إنتظار صديقي المحكوم عليه (يبقى لحين السداد)، بعد أنْ اعترض طريقه تمساح أكبر في سوق الله أكبر.. حيث أصبحت بضاعته جليسة المخازن.. وأصبح هو جليس السجن، إلى أنْ يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

 وجه لوجه:

 

قبالتي مباشرة، ووجهاً لوجه، جلس الدكتور عبد الهادي.. وبصحبته رجل لا تخلو ملامح وجههه من إبتسامات عريضة.. ذهبت حداه للسلام والمعايدة.. حيث رد السلام ببشاشة متناهية، وقال: أعرفكم بـ(فلان) أبو (رباب) زوجتي وسكرتيرتي في العيادة.. وجاء للمعايدة بعد أنْ كان مع رباب بسجن أم درمان.

 

كيف صحتك، وأخبارك يا دكتور؟

والله تمام، الحمد لله، بنكون أحسن منكم إنتو البره.. ضحكة جماعية ويواصل الحديث.. أنا بعتبر دي راحة جبرية لأنو الواحد كان بيشتغل قرابة الـ12 ساعة في اليوم.. يعلق أبو رباب: فعلاً والله يا دكتور كنا مشتهين الونسة معاكم.. والآن مليناكم (ضحكة جماعية(

في الحقيقة، والله يا دكتور أنا كنت خارج السودان، ولم أُتابع قضيتك.. هي القصة شنو؟.. وعمليات الأجهاض الكنت بتعملها دي والمبالغ الكبيرة الكنت بتأخذها.. دي شنو؟؟!.

*يرد وبشكل تلقائي: في مثل بيقول ليك يتكلم المجنون ويسمع العاقل.. هل بتفتكر إنه في طبيب خريج جامعة الخرطوم ومتخصص في إنجلترا وحامل جنسيتها، يكون محتاج لقروش.. طبعاً لا.. ولكن المسألة قناعات، فأنا لي قناعاتي الشخصية بأنه يجب ولا بد أولاً أنْ تكون هناك توعية جنسية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني.. ولا حياء في العلم.. مش كل ما نكتب في الصحف أو نتكلم في الإذاعة يقولوا لينا الكلام في المسائل دي يؤدي للإباحية ويخدش حياء الناس... عن أي إباحية يتحدثون..! ونشهد ارتفاع الأيدز في زيادة يوماً بعد يوم في السودان.. ناهيك عن الأمراض الناتجة عن ممارسة الجنس مثل السيلان والزهري والأمراض الآخرى.. 

الإجهاض:

ثانياً: نأتي لعمليات الإجهاض.. أنا في رأيي الشخصي أخف الأضرار بالنسبة لمجتمعنا السوداني هو عمل اجهاض.. لأنه في حال حمل البنت بالحرام.. وهذا يرجع لعدم التوعية المنعونا منها.. لأنه أصلاً في وجود القنوات الفضائىة والإنترنت والموبايل أصبحت هناك إباحية شئت أم أبيت.. إذاً لو لابد يجب على الشباب والشابات أنْ يعرفوا أنَّ هنالك واقي من الحمل، وأنَّ هنالك حبوب في الصيدليات، وأنَّ هناك لولب..

والحل الأصعب هو عمليات الإجهاض.. وفي رأيي هو أخف الأضرار.. لأنه في حال وضوع ابن الحرام هذا كتب على كل الأسرة الضياع والدمار والتفتت والشتات.. ناهيك عن ما سيلحق بالمولود في كل حياته بأنه دا ود حرام.. دي بت حرام.. حيث يكون مزيداً من الإنحلال والتفكك... 

المبالغ الطائلة:

أما ما يخص المبالغ الطائلة فهذا كذب وإفتراء.. واتحدى أي بنت سواء بإصطحاب عائلتها أو لوحدها أنْ أكون رجعتها بسبب المال.. بالعكس كنا أحياناً ندفع من جيوبنا للفقيرات من الحُمل، لأن حالتهن الصحية ما كانت تسمح بعمل العملية لأنهن مريضات.. كنا نعالجهن أولاً بعد ذلك نعمل لهن العملية.. وقد يستمر العلاج لمدة طويلة وبمبالغ خرافية.. ولكن كنا بنعمل (كسر دا في جبر دا).. يعني نأخذ من المستطيعين.. يعني المستطيعين (تكافل اجتماعي).. وضحكة جماعية.

حالات مؤثرة:

ومن الحالات المؤثرة جداً أتاني من الشمالية ولد في سن الـ18 أو الـ17 سنة، ومعه بنت عمرها 15 سنة.. والبنت كانت حامل.. واكتشفت بعدها أنهما إخوة بعد أنَّ تزوج والدهم وتزوجت أمهم.. حيث رفض زوج الأم أنْ يعيش أطفالها معها.. وكانت الأُم تأتي لهم صباحاً وتتركهم ليلاً لوحدهما.. وحصل الحصل.. والبنت حملت.. كانا يملكان 13 ألف جنيه فقط.. ماذا كان عليَّ أنْ أفعل في هذه الحالة..؟.. بس قولوا يا لطيف.

طيب يا دكتور هل جاتك حالات بعلم أسرهم؟.

*: كتير خالص، وبالأخص علم الأُمهات.. لأن الأم دائماً تكون قريبة للبنت ومتفهمة.. وفي النهاية تريد السترة لبنتها.. ولكن الحالة الغريبة شوية التي جاتني.. هي حضور بنت في غاية الجمال.. وواضح عليها أنها من أُسرة محترمة.. وجاتني في حالة تسمم بعد أنْ ذهبت لداية.. والمعروف أنَّ الدايات يعملن عمليات الإجهاض عن طريق سلك سنين في المقدمة، بعد أن يدخلوه لفم الرحم حتى يحدث تهيج مما يجعل الرحم في حالة انقباض ويتم الإجهاض.. ولكن هذه المذكورة حدث لها ثقب في الرحم مما أحدث تسمماً.. وحصل صديد في جزء كبير من الرحم وأجزاء من البطن.. وكانت حالتها في غاية الخطورة.. وقلت لها الصراحة يجب عمل عملية مستعجلة وإلاَّ الموت هو نصيبك..

كارثة كبيرة:

وردت أحسن لي الموت يا دكتور.. لأنه أهلي لو عرفوا دي كارثة كبيرة أفضل أمشي البيت لحدي ما أموت وخلاص.. ولكن بعد مجهود جبار أقنعتها.. وقلت لها سوف أقول لهم عملية زائدة، ووافقت.. وفعلاً اتصلت بوالدها وهو كابتن طيران.. وقلت له أنا دكتور فلان، بنتك معي ويجب عمل عملية زائدة مستعجلة.. وقال لي لقد خرجت اليوم من البيت وهي في حالة جيدة.. ورديت عليه دا الحاصل، وأعطيته عنوان المستوصف.. وحضر هو والوالدة والأخ الأصغر.. وفعلاً قمت بعمل العميلة..حيث لازمت المستوصف قرابة الشهر وتعافت تماماً.. وفي يوم الزواج جاءني والد البنت ومعه البنت نفسها، وقال لي يا دكتور حتى لا تفترض فيني الغباء، العملية لم تكن عملية زائدة.. ولكن على العموم شكراً كثيراً.. ومن هنا ولقدام يجب أنْ أعطي أُسرتي وبنتي مزيداً من الوقت.. وحضن بنته عليه في أجمل منظر درامي يعكس قوة الوالد واعترافه بالذنب.

صفارة إنتهاء الزيارة:

وجاءت الساعة الرابعة ظهراً، وصفر المناوب بإنتهاء الزمن، وعلى الزائرين الخروج ورجعت بي صفارة المناوب بشىء من الفرحة.. واستعادت الذاكرة قوون ايداهور في شباك ما يسمى بـ(سيد البلد).. وكانت الفرحة فرحتين فرحة المريخ وفرحة العيد.. ولكن سرعان ما تلاشت الفرحة في ثاني أيام العيد نبشاً للوضع الذي وصل بشبابنا لهذا المنحدر الخطير.. ويجب أنْ لا نضع رؤوسنا في الرمال.. واصحوا يا ناس.. ولا تعلقوا إخواتنا في شماعات د. عبد الهادي.. مع العلم بأنَّ حالات الإجهاض التي حصلت في حدود الـ=/10.0000حالة.

المصدر: جريدة الوطن السودانية. 

  إشترك في القائمة البريدية

  إبحث في الموقع