محكمة الإستئناف المدنية
حكومة السودان ضد عبدالله مرعي محمد
م أ / م ك / 817/1969
المبادئ:
قانون العقوبات- عقوبة الإعدام- المادة 251 من قانون العقوبات- يجب على المحكمة توقيع عقوبة الإعدام في حالة الإدانة تحت المادة أعلاه- السلطة المؤيدة الحق في إستبدال عقوبة الإعدام إلي السجن المؤبد أو خلافه.
يجب على المحكمة عند إدانة المتهم تحت المادة 251 من قانون العقوبات توقيع عقوبة الإعدام وليس لها الخيار في إصدار الحكوم بالتأيد أو خلافه. ولكن يجوز لها أن توصي للسلطة المؤيدة بتبديل عقوبة الإعدام إلي الحبس المؤبد وليس لها أن تصدر عقوبة الحبس المؤبد إلا في الحالات التي جاء بها المشور الجنائي رقم26.
الحكم:
مهدي الفحل (قاضي المحكمة العليا بالإنابة)- أبريل29/1970- هذه جريمة قتل بشعة إذ أغتال أب إبنته وهي نائمة وسدد لها دونما مبرر عدة طعنات قاتلة أودت بحياتها.
فقد وضح إن المتهم كان يريد إبنته فاطمة أن تتزوج إبن أخت له يدعى كمال الدين المقبول وذلك بحلة هبود التي يقيمون بها شرق النيل الأبيض وبالقرب من أبوجبيرة عبر النيل من مدينة الدويم ولكن البنت و والدتها لم تكونا ترغبان في ذلك الشخص كزوج كفء فأثار ذلك حفيظة المتهم الذي لم يكن راضياً من تصرف إبنته وزوجته برفض هذا الخطيب وخطيبين سبقاه وهدد وتوعد وبالفعل في منتصف الليل يوم 20/5/1969 سدد المتهم لإبنته ثلاثة طعنات قاتلة في الصدر من اليمين وقد أودت تلك الطعنات القاتلة بحياتها بعد أن أسعفت في اليوم التالي لمستشفى الدويم.
وقد أدين المتهم في يوم 12/10/1969 أمام محكمة كبرى برئاسة القاضي بابكر زين العابدين بالدويم تحت المادة 251 من قانون العقوبات وحوكم بالسجن المؤبد إعتباراً من تاريخ وضعه في الحراسة في 21/5/1969.
إن إدانة المتهم تحت المادة 251 من قانون العقوبات صحيحة ولا تحتاج لجدل طويل فالمتهم معترف بفعله كما إن شهود العيان قد أثبتو ذلك وقد وضح إن المتهم سليم العقل وليس هنالك شك في قواه العقلية كما لا يوجد سبب مخفف كالإثارة أو خلافهما مما يخفض جريمة القتل العمد ولذا فإنني أؤيد الإدانة تحت المادة 251 من قانون العقوبات.
بدلاً من توقيع عقوبة الإعدام على المتهم فقد وقعت المحكمة عليه عقوبة السجن المؤبد وكما طالب بها محامي المتهم الأستاذ عبدالقادر حسين سليم مستنداً على نصوص الشريعة الإسلامية وقد أورد رئيس المحكمة حديث الرسول الكريم (لا يقاد الوالد بولده) وإنه أعدل البشر وهو في درجة علمية وفقهية وتشريعية لا يصل إليها أحد من البشر وهو أعلم من جميع البشر بأصول العدل و مورق فيه لا يظلم. وهو أعلم بعلل الأحكام فعندما ساق هذا الحديث كان يعلم بعدله وحاشاه أن يظلم الإبن لوالده وأن تجاهل هذا الحديث الشريف الموثوق به والمجمع عليه يمس الأمة في أقدس مقدساتها وفي أعظم شخص من شخصياتها وإن الأصل الأب هو السبب في وجود الإبن أو البنت.
إن هذا صحيح ولكن هل كان لرئيس المحكمة أن يطبق ما هو صحيح ديناً في مثل هذه القضية مع إعتبار إن سلطة تغيير الحكم من الإعدام إلي الحبس المؤبد ليس من إختصاصه؟
صحيح إن المادة 251 من قانون العقوبات تنص على إن عقوبة القتل العمد هي الإعدام أو السجن مدى الحياة ولكن الخيار ليس متروكاً للمحكمة كالحبل على القارب بل هو مقيد فقد ذكر راتنلال ( الطبعة الحادية والعشرين ص783) " إن العقوبة التي تتبع الحكم بالقتل العمد هي الإعدام وأنه إذا ما كانت هنالك أية أسباب للرحمة فإن هذه الأسباب ينظر فيها بواسطة الحكومة أو السلطة التنفيذية وإن كل الذي يجب أن تفعله المحكمة هو أن تتقدم بتوصيتها بعد إصدار الحكم وفقاً للقانون".
وقد قيد المنشور الجنائي رقم (26) المحكمة في مثل هذه الحالات بأن تصدر عقوبة الإعدام فيما عدا الحالات التي نص عليها المنشور ثم تتقدم للسلطة المؤيدة بما تراه من توصية فإذا ما أيدت السلطة المؤيدة (السيد رئيس القضاء أو من يفوضه من قضاة المحاكم العليا) عقوبة الإعدام فإنها ترفع التوصية للسيد رئيس الدولة الذي يملك حق العفو.
لقد خطر لي أن أؤيد هذا الحكم لعلمي إن الحكم بالإعدام على فرض صدوره قد لا ينفذ في مثل هذه الحالة ولكنني أترك تقدير ذلك للسلطة المؤيدة بعد أن يصلها الحكم بعد إعادة النظر في القرار بطريقة صحيحة.
لذا فإنني أؤيد الإدانة بتهمة القتل العمد تحت المادة 251 من قانون العقوبات أرفض تأييد عقوبة المتهم بالسجن المؤبد و آمر بأعادة النظر في العقوبة وفقاً لما ورد في مذكرتي بإصدار الحكم بإعدام المتهم وللمحكمة الخيار في أن توصي للسلطة المؤيدة بإستبدال حكم الإعدام بالحبس المؤبد إعتباراً من إلقاء القبض على المتهم في 21/5/1969.