هذا بيان للناس وتبصرة لشعب السودان وتذكرة للعالمين
أيها الشعب السوداني الوفي:
يصدر المحامون السودانيون هذا البيان وفاءاً وأداءاً لدورهم في دفع الظلم ونصرة الحق كما ورد في نصوص دستور السودان وتبياناًَ للحق في عالم عم فيه الظلم واختلطت فيه قيم العدالة وأصبح القوى يأكل الضعيف فساد فيه قانون الغابة.
أصدرناً بياناً قبل عدة أشهر بعد تقديم مدعي المحكمة الجنائية الدولية المدعو لويس مورينو أوكامبو طلباً للمحكمة التمهيدية للسماح له بالتحقيق مع السيد رئيس الجمهورية المشير/ عمر حسن أحمد البشير لاشتباهه في ارتكاب جرائم كما يزعم بموجب النظام الأساسي للمحكمة وطلب من المحكمة إصدار أمر التوقيف حتى يتمكن من التحقيق ثم يرفع الملف للمحكمة للشروع في المحاكمة إذا وجد بعد التحقيق بينات مبدئية توجب توجيه الاتهام. ولقد أوضحنا في بياننا المشار إليه أن ما قام به المدعو أوكامبو ما هو إلا كيد سياسي بغطاء قانوني يستغل فيه أعداء السودان وتوجهاته التحريرية من هيمنة قوى الطغيان والشرف العالم كل المؤسسات الدولية بما في ذلك مجلس الأمن الدولي لتحقيق أهدافهم الشريرة وبعد فشلهم الذريع في كل مخططاتهم لجأوا أخيراً لاستغلال المؤسسات العدلية وللأسف وجدوا بعض النفوس الضعيفة ممن ينتسبون إلى العدالة مثل المدعو/ لويس أوكامبو أدوات طيعة لتحقيق أهدافهم الخبيثة.
واستكمالاً للبيان السابق نصدر هذا البيان بعد صدور إعلان من المحكمة الإبتدائية بأنها ستعلن قرراها في طلب مدعي المحكمة لويس أوكامبو في الرابع من شهر مارس القادم وذكر أن إعلان هذا التاريخ لإصدار القرار تم لأن هناك شائعات عديدة سرت خلال الأسابيع الماضية بشأن تاريخ ونتيجة القرار الذي ستصدره الدائرة بشأن طلب الإدعاء ولأن الدائرة يساورها قلق بالغ إزاء مثل هذه الشائعات ولكننا نتساءل هنا من هو مصدر ما تشير إليه المحكمة بنشر الشائعات بشأن نتيجة قرار المحكمة وتاريخ صدوره.
أولاً تعلم الدائرة التمهيدية للمحكمة أن مدعيها لويس أوكامبو ظل يعلن باسم المحكمة أن قرار المحكمة سيصدر في شهر كذا وأن قرارها سيصدر بإيقاف الرئيس وظل يجوب دول العالم للتعاون لتنفيذ القرار، أولم تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية صدور القرار ولصالحهم وكذلك الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي ظل ولمدة طويلة وكأن قرار المحكمة في جيبه ويساوم به بأن القرار يمكن تغييره إذا تم تسليم أحمد هارون وعلي كوشيب ولماذا تغض المحكمة الطرف عن هؤلاء ولا تشير إليهم ولماذا تركت هؤلاء يلوحون بالقرار ويساومون به سياسياً نيابة عنها طوال الفترة السابقة.
1/ ما هو القرار المتوقع من المحكمة التمهيدية:
بعيداً عن مساعي الجهات المعادية للسودان لاستغلال المحكمة والحديث نيابة عنها والمساومة باسمها نشرع في مناقشة نوع القرار المتوقع وما هو التكييف القانوني لطلب مدعي المحكمة وكذلك قرار المحكمة؟
أولا: أ/ تنحصر مذكرة مدعي المحكمة أوكامبو في طلبه من المحكمة الابتدائية السماح له بالتحقيق مع الرئيس المشير عمر البشير لأن لديه اشتباهاً بناءاً على معلومات جمعها من مصادر بعينها بأن الرئيس مسئول عن أعمال تعتبر جرائم بموجب نظام روما المنشي للمحكمة الجنائية وأنه يريد التحري والتحقيق مع المشتبه فيه للنظر إن كانت هناك بينات تستدعي توجيه الاتهام في الجرائم المزعومة وإذا توصل إلى وجود بينات مبدئية يرفع المكلف للمحاكمة أمام المحكمة وإذا اقتنع بعد التحقيق أنه لاتوجد بينات كافية لتوجيه الاتهام يقرر شطب الإجراءات.
إن كل الضجة التي شغل بها لويس أوكامبو العالم طوال المدة السابقة لا تعدو أن تكون في مجملها من الناحية القانونية وجود اشتباه لديه بأن شخصاً ارتكب جريمة، وقبل التحقيق يعتبر هذا الشخص مشتبه فيه suspect ولا يعتبر متهماً إذا لم يتم التحري بعد التحقيق معه، وإطلاق صفة المتهم يعتبر جهلاً ومخالفة لمبادئ القانون ومن المعلوم أن الشخص حتى إذا توصل المتحري والتحقيق إلى بينات وأدلة تكفي لتوجيه الاتهام لا يصبح مرتكباً للجريمة إلا بعد إدانته أمام محكمة عادلة ونزيهة تسمح له بالدفاع عن نفسه وكما هو معلوم حتى لعامة الناس أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته وهذا مبدأ قانوني راسخ في العالم كله.
ب/ إن المشتبه فيه تطلب منه المحكمة المختصة المثول أمام الجهة المختصة بالتحقيق إما بإعلانه للمثول أمام التحري بأمر تكليف بالحضور أو إذا تقرر ذلك بإصدار مذكرة توقيف "أمر قبض" والناظر لطلب لويس أوكامبو يستغرب لقفزة مباشرة بطلب إصدار أمر توقيف بحق الرئيس.
ثانياً: إذا كان التكييف القانوني المجرد لطلب مدعي المحكمة كما أسلفنا فما هو التكييف القانوني لما قد يصدر من قرار من المحكمة التمهيدية بالاستجابة لطلبه.
أ/ لابد من الإشارة إلى أننا لا نستطيع الجزم بان قرار المحكمة سيصدر بالاستجابة الكاملة لطلبات المدعي ولكن الراجح لدينا من تصريحات المدعي والدول والمنظمات الداعمة والمحرضة للمحكمة أن القرار المرتقب سيستجيب لمعظم الطلبات وقد ترفض المحكمة بعض الجزئيات من المذكرة وذلك ذراً للرماد على العيون. وإذا فعلت المحكمة ذلك فإنها تكون قد أكدت ما ذهب إليه الكثيرون من أن المحكمة الجنائية الدولية ما هي إلا أداة في يد الدول الغربية تحقق بها أهدافها الاستعمارية ضد دول العالم الثالث التي لا تخضع لإملاءاتها وتعليماتها.
ب/ إذا صدر قرار المحكمة الابتدائية بالموافقة على طلبات لويس أوكامبو فإن ذلك لا يعني أنه قرار إدانة ولا حتى اتهام بل يعني من الناحية القانونية السماح للمدعي بالبدء في إجراءات التحقيق للنظر فيما إذا كانت هناك بينات وأدلة مبدئية للاتهام وإذا توصل المدعي بعد التحقيق إلى وجود البينات يرفع الأوراق للمحكمة للبدء في إجراء المحاكمة على التهم المنسوبة إلى المتهم ولا إدانة إلا بعد إتاحة الفرصة الكافية للمتهم للدفاع عن نفسه وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
ماهي التداعيات المتوقعة للقرار؟
إذا صدر قرار المحكمة التمهيدية بالاستجابة لطلب المدعي لبدء التحقيق وإصدار أمر بالتوقيف ما هي الخطوات التالية لمثل هذا القرار.
وفقاً للقواعد الإجرائية فإن مدعي المحكمة سيطلب من الحكومة السودانية التعاون لتنفيذ قرار التوقيف ولكن كما هو معلوم للكافة فإن السودان حكومة وشعباً أعلن بوضوح أن السودان لم ولن يتعاون مع المحكمة لأنها غير مختصة ولأن السودان ليس طرفاً في اتفاقية روما المنشئة للمحكمة وقد صدر هذا الموقف من البرلمان السوداني بالإجماع وكذلك من حكومة الوحدة الوطنية وقبل كل ذلك رفض الشعب السوداني كله ممثلاً في القوى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وأصطف الشعب خلف الرئيس باعتباره رمز الإرادة الشعبية .. وبالتالي لن يأبه السودان ولن يستجيب لطلب مدعي المحكمة فما الذي يترتب على ذلك؟
والإجابة نجملها في الآتي:
أ/ مثل هذا القرار إن صدر ليس هو الأول من نوعه فالجميع يعلم أن قراراً من المحكمة التمهيدية قد صدر قبل عامين في فبراير عام 2007م بتوقيف كل من أحمد هارون وعلي كوشيب للتحقيق معها في جرائم مزعومة وطلبت المحكمة من حكومة السودان التعاون لتوقيفهما ورفضت الحكومة ذلك فهل استطاعت المحكمة الجنائية أن تفعل شيئاً؟ لقد سئل أوكامبو عند صدور ذلك القرار متى سيتم توقيف أحمد هارون وعلي كوشيب فأجاب لقناة العربية أن التوقيف سيتم خلال شهر أو شهرين أو سنة أو بالكثير سنتين. الآن قد مضى من حديثه ذلك الشهر والشهران والعام ومضى العام الثاني ولم يتم تنفيذه وذلك لأن المحكمة لا تملك آليات فعالة لتنفيذ قرارها.
إن كل الذي استطاع أن يقوم به المدعي العام هو أنه قام برفع تقرير لمجلس الأمن الدولي في إطار التقارير الدورية التي يقوم بها كل ستة أشهر وأشار فيه أن الحكومة السودانية رفضت التعاون مع المحكمة ولم يفعل المجلس شيئاً واكتفى ببيان أصدره رئيس المجلس يناشد فيه الحكومة السودانية بالتعاون مع المحكمة وقدم تقريراً آخر بعد ستة أشهر يطالب فيه المجلس باتخاذ قرار ضد الحكومة ولم يأبه المجلس لما طلبته هذه المرة وتوقف الأمر عند هذا الحد. وهذا ما أدى إلى إحباط شديد لمدعي المحكمة لويس أوكامبو وبدأ يرسل التهديدات والابتزاز بالتصريحات بأنه سيقوم باتهام قيادات ومسئولين كبار في الدولة وبدفع وتحريض من فرنسا والمنظمات اليهودية. قام بإصدار مذكرته ضد الرئيس مباشرة في يوليو 2008م ولكن السؤال هو ما الذي تستطيع المحكمة الجنائية ومدعيها العام اتخاذه من إجراءات لتوقيف الرئيس أكثر مما قام به في مواجهة أحمد هارون وعلي كوشيب؟
والسؤال الهام الذي يترقب الجميع الإجابة عليه هو:
ماذا بعد صدور قرار المحكمة في الرابع من مارس القادم؟
والإجابة باختصار أن المحكمة إذا صدر قرارها بتأييد طلب أوكامبو بتوقيف الرئيس سيصبح مجرد حبر على ورق . كيف هذا؟
لن تتعامل الحكومة السودانية مع المحكمة للأسباب القانونية المعروفة لا تملك المحكمة آليات لتنفيذ قرارها إذا رفض السودان التعاون وسينتظر المدعي شهوراً يطلق التصريحات واللقاءات مع أجهزة الإعلام المعادية ثم يقدم تقريره الدوري بعد ستة أشهر لمجلس الأمن يوضح فيه رفض الحكومة السودانية التعاون معه وعند ذلك لايملك المجلس وفي أسوا السيناريوهات – حتى لو اعتبرنا أن كل دول المجلس المعادية للسودان- إلا إصدار قرار يطالب فيه الحكومة بالتعاون مع المحكمة وعند رفض الحكومة السودانية تنفيذ قرار كهذا ليس في أي من أحكام ميثاق الأمم وحتى في الفصل السابع ما يخوله إصدار قرار باستخدام القوة إلا في حالة المحاكم لأن التدابير الواردة في الفصل السابع واضحة حيث لا تستخدم القوة إلا في حالة قمع عدوان دولة على أخرى وقد يصدر المجلس ضد السودان عقوبات اقتصادية لعدم تنفيذ أي من قراراته والسودان حتى الآن يعيش في ظل العقوبات الاقتصادية وفي ظل حصار اقتصادي تقدم اقتصاد السودان ولم يتأخر.هذا من البعد القانونية فقط أما المعطيات السياسية فإن المجتمع الدولي في هذه القضية معظمه يقف مع السودان، وكما عبر المبعوث الصيني للسودان فإن أكثر من 90% من المجتمع الدولي أو أكثر من 80% من الدول والحكومات تقف في صف السودان، فمن المحاصر الآن السودان أم أمريكا وفرنسا وبريطانيا ومعها المحكمة الجنائية الدولية.
ما هو المطلوب من الشعب السوداني:
1. المطلوب هو إفشال المخطط العدواني على السودان بوحدة الصف والتضامن الشعبي معه مؤسسات الدولة الآن المستهدف هو الأمن القومي السوداني وتهديد المصالح العليا للبلاد بالنيل من رئيس الجمهورية وهو رمز السيادة والمعبر عن الإرادة الشعبية وقد لاحت بشائر النصر المؤزر للسودان بإذن الله بهذا الاصطفاف الشعبي غير المسبوق خلف الرئيس من القوى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولا يقلل من ذلك شذوذ قلة لا يؤبه لها، ومثل هؤلاء نجدهم في كل الشعوب ويوصفون بأنهم خونة ويقدمون في كل دول العالم للمحاكمات بتهمة الخيانة العظمة، وهذا مصير كل خائن لبلاده يقف في صف أعداء الوطن والخزي لهم على مدى التاريخ.
2. مطلوب من الشعب أيضاً اليقظة وتفويت الفرصة على الأعداء الذين يريدون أن ينشروا الفوضى في تعاون مع العدو الغربي بخلق ما يسمونه بالفوضى الخلاقة لتنفيذ مخططاتهم بخلق الفتنة بالإشاعات.
3. إن من بين تلك الإشاعات الترويج بأن قوات حفظ السلام الموجودة في السودان يمكن أن تستخدم لتنفيذ القرار وهذا جهل فاضح بالاتفاقية المبرمة بين الحكومة والأمم المتحدة وبموجبها لا تتعدى مهمة تلك القوات مراقبة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وأي خروج من أي فرد من تلك القوات عن هذه المهمة باعتبارها مخالفة للقانون وأي انحراف عن تلك المهمة المحددة سيقود إلى الفوضى ومن يبدأ بإشاعة الفوضى يتحمل مسئولية ما قد يتعرض له في ظروف الفوضى من الجماهير الغاضبة.
4. من بين الشائعات التي يروج لها شرذمة الحاقدين على الرئيس أن الرئيس لن يسمح له بالترشيح وهذا جهل فاضح لمن ينطق به لأن شروط أهلية الترشيح لرئاسة الجمهورية واضحة في القانون أن يكون سودانياً بالغ من العمر 40 عاماً وأن لايكون أدين بجريمة تمس الشرف والأمانة خلال السبعة أعوام السابقة وإذا كان أعداء السودان والرئيس يخشون من ترشيح الرئيس لأن فوزه مؤكد بإذن الله تعالى وللرغبة الشعبية الطاغية والداعية لترشيحه فسيموت الخونة والحاقدون لأن الرد الحاسم على هؤلاء هو تجديد للبيعة للرئيس وانتخابه رئيساً للجمهورية.
وأخيراً التحية لهذا الشعب الوفي ولكل القوى والأحزاب السياسية وقياداتها وكل فئات الشعب ومختلف المنظمات لهذا الموقف الذي يشبه أهل السودان بالالتفاف حول رئيس البلاد المشير عمر البشير الذي لا نملك أن نقول له أكثر من أنك رئيس فارس شامخ كأهل السودان وتعبر عن قيمة وثقافته وتاريخه ومستقبله فهنيئاً لك، وما استهداف الأعداء لك إلا وسام فخر وشموخ وإعزاز لك ولشعبك ونسأل اله أن يحفظك ويحميك ذخراً للبلاد وقائداً لمسير ة الأمة القاصدة إلى الله.