أيدت محكمة استئناف الولاية الشمالية الدائرة الجنائية الحكم الصادر من محكمة جنايات (كرمة) الدرجة الأولي بتاريخ 29/9/2013م في مواجهة المدان بخيت علي خيري نايل البالغ من ( 78 ) عاماً تحت المادة ( 183/1 ) من القانون الجنائي لسنة 1991م وحكمت عليه بالتغريب إلي ولاية الجزيرة لمدة عام اعتباراً من تاريخه، ويسلم لرئيس قسم شرطة مدينة مدني حاضرة ولاية الجزيرة، يزال التعدي وفق الكركي ( 39/2013م ).
فيما أيدت الإدانة والأمر المصاحب، بينما عدلت مدة التغريب لتكون ستة أشهر بولاية الجزيرة اعتباراً من 29/9/2013م.
وجاء الاستئناف الذي تقدم به المدان بواسطة محاميه لدي محكمة استئناف الولاية الشمالية الدائرة الجنائية بتاريخ 30/9/2013م حيث قدم الأستاذ عبدالمجيد محمد الحسن عبدالمجيد طلب فحص جنائي نيابة عن المدان وذلك للأسباب الآتية : ( كان المدان يعتقد بحسب الأعراف التي صارت قانوناً أن له حق في قصاد ساقيته، وعلي هذا الاعتقاد قام بسحب المياه بالبابور من النيل وزرع جزء من امتداد ساقيته ومن ثم فوجئ بهذا الإجراء القانوني في مواجهته، وأشار المحامي الخاص بالمدان إلي أن شهادة البحث عن الساقية ( 1 ) عبدالله نارتي لم تحدد مساحتها ويلتمس بشهادة بحث واضحة ونهائية، وأن العقوبة التي أصدرتها محكمة الموضوع قاسية ولم تراع ظروف المدان وفي النهاية يلتمس إلغاء العقوبة واستبدالها بالغرامة أو الأمر المناسب، واحتياطياً يلتمس إعادة الأوراق إلي محكمة الموضوع للتثبت من الوضع الصحي للمدان وإصدار الأمر المناسب).
وحوي الاستئناف علي الآتي : قررت نظر أوراق هذه الدعوي عن طريق الفحص عملاً بأحكام المادة ( 188 ) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، وذلك للتأكد من سلامة الإجراءات وتحقيق العدالة المنشودة، وبالإطلاع علي أوراق هذه الدعوي أجد أن وقائعها تتلخص في الآتي : ( بتاريخ 30/5/2013م قدم الشاكي عريضة شكوى لقسم شرطة كرمة محالة للقاضي القائم بأعمال وكيل النيابة مفيداً في شكواه بأن المتهم بخيت علي خيري نايل قام بالتعدي علي الساقية ( 1 ) عبدالله نارتي ومنع أبناءه من مزاولة العمل وتم قيد هذا البلاغ واستجواب الشاكي، كما تم القبض علي المتهم وبعد التحريات اللازمة تمت أحالت أوراق البلاغ أمام محكمة الموضوع للنظر، وتوصلت إلي القرار موضوع الفحص.
وبالرجوع إلي أوراق هذه الدعوي أجد أن محكمة الموضوع قد استمعت إلي قضية الاتهام ثم قامت باستجواب المتهم ووجهت له تهمة تحت المادة ( 138 ) من القانون الجنائي لسنة 1991م، وتم الرد علي التهمة بواسطة محامي المتهم بالإنكار ودفع بأن موكله غير مذنب وله شهود دفاع، استمعت محكمة الموضوع إلي قضية الدفاع كما تم تقديم مرافعة الدفاع الختامية، وفي النهاية توصلت محكمة الموضوع إلي القرار موضوع الفحص.
وبالاستقراء علي كافة أوراق هذه الدعوي أجد أن الشاكي قد قدم توكيلات من ملاك الساقية ( 1 ) عبدالله نارتي تخوله الأشراف التام علي أنصبتهم في الساقية ومقاضاة كل من يتعرض له حيث أشرت محكمة الموضوع إلي هذه التوكيلات كمستند اتهام ( 3/أ ب و )، اتهام رقم ( 4/أ ب و )، ومن خلال الوقائع الثانية بمحضر هذه الدعوي أجد أن الشاكي قد استطاع إثبات دعواي التعدي الجنائي، حيث أجد أن شاهد الاتهام الوحيد محمد الأنور عزالدين محمد وهو شاهد خبير حيث يعمل مدير مساحة بمحلية (البرقيق)، قد أكد بأن التعدي داخل الساقية ( 1 ) عبدالله نارتي قد وقع، كما دعم هذه الإفادة بالكروكي مستند ( 1/أ و ب)، هذا قد فشل الدفاع في إثبات ملكيته للأرض موضوع النزاع، ونجد أن شهوده لم يقدموا شيء يدحض دعوي الشاكي بل نجد أن شاهد الدفاع الرابع الذي أصر الدفاع علي سماعه قد جاءت إفادته معضدة لإفادة شاهد الاتهام الوحيد محمد الأنور وذلك بأن التعدي قد وقع علي الساقية (1) عبدالله نارتي.
هذا وبما أن الشاكي قد قدم ما يؤكد بأنه قد رفع ضد المتهم قضايا سابقة تم الفصل فيها لصالحه وقد أشرت محكمة الموضوع صور تلك القضايا كمستند اتهام رقم ( 6 ) ومستند اتهام رقم ( 7 )، عليه يكون دخول المتهم في الساقية ( 1 ) عبدالله نارتي بعد صدور هذه الأحكام يعد تعدياً جنائياً وإقرار بصحة قرار أدان المتهم تحت المادة ( 183 ) من القانون الجنائي لسنة 1991م، أما بشأن العقوبة فأجد أن المدان قد تجاوز سن الـ( 70 ) سنة من عمره وقامت محكمة الموضوع بتطبيق التدابير المنصوص عليها في المادة ( 48/ج ) علي المدان وذلك بتغريبه لمدة سنه إلي ولاية الجزيرة، وتقديراً للأسباب التي ساقها محامي المدان، عليه أري تعديل هذا التدبير بتدبير آخر لظروف المدان وذلك بتسليم الشيخ المدان لوليه أو أي شخص مؤتمن بعد التعهد بحسن رعايته مع تأييد قرار إزالة التعدي وفق الكروكي علي نفقة المدان وكل ذلك إذا وافق الزميلان المحترمان في الدائرة.. أرباب قمبال سليمان قاضي محكمة الاستئناف.
من جهته أتفق الأمين عبدالله فقيري قاضي محكمة الاستئناف مع زميله صاحب الرأي الأول علي صحة الإدانة وأشار إلي أنه يري تأييد التدابير التي اختارتها محكمة الموضوع مع تعديل مدة التغريب إلي سته أشهر، ذلك أن الجريمة جاءت في صورتها البسيطة حدها الأقصى ستة أشهر، لذا أري أنها مدة محققه للهدف من العقوبة مع اعتبار للأسباب التي ساقتها محكمة الموضوع بمذكرة العقوبة، عليه أري إن وافقني صاحب الرأي الثالث وإعمالاً للمادة ( 48/ أ ) مقروءة مع المادة ( 138 ) جنائي تعديل مدة التغريب لمدة ستة أشهر، بدلا عن السنة، مع تأييد بقية الحكم.
فيما اتفق معتصم احمد محمد صالح قاضي محكمة الاستئناف : ( اتفق مع الزميلين الكريمين علي تأييد الإدانة وذلك لثبوت تعدي المدان علي أرض الشاكي واتفق مع أخي صاحب الرأي الثاني علي تأييد تغريب المدان علي أن تعدل مدة التغريب إلي ستة أشهر وتأييد الأمر المصاحب.