الإثنين, 23 كانون1/ديسمبر 2024
Blue Red Green

  • أخبار سريعة
أخبار قانونية: وفاة رئيس القضاء السوداني مولانا حيدر احمد دفع الله - السبت, 24 تشرين2/نوفمبر 2018 18:45
الرئيسية أعمدة قانونية رؤية قانونية التفاوض في مجال عقود المشروعات العامة.

التفاوض في مجال عقود المشروعات العامة.

التفاوض في مجال عقود المشروعات العامة

 بقلم الدكتور/أسامة مصطفى إبراهيم

هيئة الأشغال العامة- إدارة الشؤون القانونية

 

عقود المشروعات العامة كغيرها من العقود التجارية تنشأ عنها نزاعات قانونية سواء أكانت حول تفسيرها أو تنفيذها ، الأمر الذي يتطلب تحديد الوسائل التي من شأنها تسوية ما ينشأ من نزاعات ، وغالباً ما يتم تحديد طريقة التسوية التى يجب على الأطراف اتباعها في العقد وهذه الطرق تشمل ، تسوية النزاعات عن طريق التفاوض ، التحكيم التجاري الدولي ، التحكيم الوطني أو عن طريق القضاء .

وسوف نتناول في هذا المقال موضوع التفاوض باعتباره وسيلة تستخدم في كثير من الأحيان في مجال عقود المشروعات العامة قبل إبرامها في مرحلة المناقصات أو في مرحلة التنفيذ.

و يعتبر التفاوض من أبسط و أسرع طرق تسوية النزاعات التجارية (1) . ومن المجالات المهمة التي يستخدم فيها التفاوض المجال التجاري والاقتصادي إذ يستخدم التفاوض في نشاط الشراء والبيع والتصدير والاستيراد والترويج و التوزيع والنقل والتمويل وعقود الإيجار والعلاقات العمالية(2) وعقود المشروعات العامة.

 

 تعريف التفاوض:

يعرف التفاوض  بأنه العملية الخاصة بحل النزاع بين طرفين أو أكثر ، والذي من خلاله يقوم الطرفان  أو جميع الأطراف بتعديل طلباتهم وذلك بغرض التوصل إلى تسوية مقبولة تحقق المصلحة لكل منهما (3).

ويعرف أيضاً بأنه عملية  تقوم على إشراك طرفين على الأقل لهما حاجات مشتركة بهدف النهوض بالمصالح المشتركة وتضييق شقة الخلاف، بغية التوصل إلى اتفاق يحظى على الأقل بالحد الأدنى من القبول لدى الأطراف المعنية (1) .

والبعض يرى أن عملية التفاوض هي عملية متكاملة وليست مهارة واحدة و بالتالي فإن هنالك مجموعة من المهارات والمبادئ مطلوبة للتفاوض وهـذا ما ذهب إليه فاولر(Fowler ) الذي يرى أن هنالك سبعة مبادئ عامة لكل أشكال التفاوض تتمثل فيما يلي (2):

1.   أن يتضمن التفاوض طرفين أو أكثر لديهم الحاجة لبعضهم البعض لتحقيق مصالح مشتركة.

2.  وجود تباين في الأهداف أو النتائج المرغوب الوصول إليها.

3.   تعتبر الأطراف المشتركة في التفاوض أن التفاوض هو الاسلوب المفضل لحل الخلافات بينهم مقارنة بالبدائل الأخرى.

4.   أن يعتقد كل طرف أن هنالك إمكانية لحث و إقناع الطرف الآخر( أو الأطراف الأخرى) لتعديل وجهة نظره.

5.    في حالة عدم تحقق النتائج المثالية لكل طرف فإن كلا الطرفين  يظل لديه الأمل في التوصل إلى اتفاق نهائي مقبول.

6.   كل طرف له تأثير أو قوة حقيقية أو يتظاهر بها على مقدرة الطرف الآخر عند التصرف . أما إذا كان أحد الأطراف ليس له قوة على الإطلاق فربما لا تكون هناك الحاجة لأن يتورط في عملية التفاوض. والتأثير أو القوة ربما تكون غير مباشرة وتقع على الأشياء أو المسائل التي لا تمثل الموضوع المباشر للتفاوض.

7.   إن عملية  التفاوض تتأثر بالاتجاهات والعواطف، والمشاعر وليس فقط بالحقائق والمنطق.

وبالتالي فإن التفاوض كما يرى فاولر هو عملية تنطوي على التفاعل والذي من خلال يشعر الأطراف أن لديهم الحاجة ليشتركوا معاً في الوصول إلى مصلحة واحدة، و لديهم في البداية أهداف متفاوتة ،    و إنما يسعون إلى استخدام الحوار  والإقناع لحل الخلافات وتقريب وجهات النظر للتوصل إلى حل مقبول ويحقق مصالح الجميع (1) .

إجراءات التفاوض:

يعتبر  التفاوض نظاماً متكاملاً  يتكون من إجراءات نجملها فيما يلي (2) :

1.  مدخلات نظام التفاوض ، وتشمل الأطراف والبيانات والوثائق والأدوات المساعدة ومكان التفاوض وميزانية التفاوض.

2.  عمليات الحوار، وتشمل المناقشة وتبادل الآراء والاستراتيجيات المستخدمة وما تشتمل عليه من تكتيكات وكذلك التوجيهات والتعليمات للمفاوضين.

3.      نتائج التفاوض، وتشمل النجاح أو التأجيل أو الفشل.

4.  الأثر المرتجع، ويتمثل في رد الفعل المترتب على نجاح أو تأجيل  أو فشل عملية التفاوض على الأطراف المشتركة فيه وعلى المصالح المتبادلة بينهم.

وكما أسلفنا فأن التفاوض يعتبر فناً يعتمد على مهارات المفاوضين وخبرتهم وذكائهم وقدرتهم على التصرف ، كما أن للتفاوض أبعاداً سلوكية تتمثل فى القدرة على الاتصال والإنصات الجيد والإدراك، والقدرة على التأثير في سلوك الآخرين.

ويقتضي التفاوض أن يتميز المفاوض بالأخلاق ، برغم من مشروعية المناورات والمحاورة إلا أن الخداع المتعمد أو الغش أو التضليل يجب ألا يكون من سمات المتفاوض (3).

إن عملية التفاوض عملية مجهدة ومعقدة ، ويعتمد نجاحها إلى حد كبير على الإبداع الذهني ، والسلوك المرن  والتحضير الجيد ، ويستهدف الإعداد الجيد للتفاوض عادة  معرفة ظروف المفاوض من حيث  توافر المعلومات الكافية عن الموضوع محل التفاوض و الطرف الآخر  ، بمعني آخر دراسة الموضوع محل التفوض بعناية، وفي بعض الأحيان يكون للقضية آثار واضح و العكس صحيح ، وتكون القضية في بعض الأحيان وحدة متكاملة لا تقبل التجزئة، وهذا يتطلب بالضرورة اتباع مدخل الربط في كل عناصر النزاع ، أما إذا كان القضية تقبل التجزئة في بعضها فهنا يتبع منهج الفصل في العناصر ، وبعد دراسة  القضية  لابد من تحديد  الهدف من عملية التفاوض فعلى المفاوض أن يدرك ما الذي يريده قبل الذهاب إلى مائدة المفاوضات وأنه بحاجة إلى تحديد مستوى طموحه بحديه الأعلى والأدنى (1). ويراعي في تحديد الهدف ما يلي(2):

  • الوضوح في الهدف.
  • الواقعية في تحديد الهدف على ضوء ظروف النزاع.
  • اشتراك المفاوض و إقناعه بأهداف التفاوض.
  • المرونة في تحديد الأهداف وقابليتها للمراجعة.
  • المحافظة على سرية الأهداف.

ولنجاح التفاوض لابد من معرفة الفرصة المتاحة في وقت التفاوض والقيود المفروضة، و هذا يساعد على تحديد   إطار عملية التفاوض ، وأيضا معرفة الظروف المحيطة بعملية التفاوض من حيث القوانين ، والمنافسة وظروف السوق والاتجاهات الاقتصادية، ومعرفة معلومات عن الطرف الآخر من حيث قوته و إتجاهاته ومركزه المالي . كما أن تحديد المكان المناسب والوقت ، قد يساعد على نجاح التفاوض.

وتتم عملية التفاوض  في معظم الحالات بواسطة عدة أفراد متخصصين في مجالات  مختلفة قانونية ، تجارية ، هندسية وفنية ومالية... الخ ، لأن المفاوض الفردي يحتاج إلى مساعدة ، ويتوقف تحديد ما إذا كان المفاوض فرداً أو جماعة إلى عامل المهارات أو المهام المطلوبة في التفاوض المنتظر (1).

ويستخدم المفاوض استراتيجيات مختلفة فقد يبدأ بالأسلوب الهجومي الذي يعكس تشدده أو إصراره على الحصول على أفضل المزايا والحد من تقديم تنازلات للطرف الآخر.

 وقد يستخدم المفاوض  تكتيكات دفاعية في مواجهة هجوم الطرف الآخر ويحدث هذا عندما يكون المفاوض في موقف ضعيف ويهدف إلى  تقليل حجم التنازلات المطلوب تقديمهما ويقدم المفاوض هنا التبريرات الكافية والأدلة الموثقة.

ويستخدم المفاوض في بعض الأحيان أسلوب التحرك التدريجي ، حيث يتم مناقشة  القضية محل التفاوض على أجزاء في  محاولة  لتحقيق  اتفاق مرضِِِ في الجزء الأول ثم ينتقل إلى الجزء الثاني ... وهكذا.

 ومن أساليب  التفاوض التي تستخدم في مجال تسوية الخلافات  بشأن العقود التجارية بصفة عامة أسلوب التعاون المشترك حيث يسعى كل طرف  إلى كسب الطرف الأخر ، وذلك بغرض إستمرار العلاقات المشتركة  بينهما ، من خلال الحوار وتبادل الاقتراحات ، و تكون الغاية من التفاوض  تحقيق اتفاق ملائم لكل طرف (2).

و تتطلب هذه الإستراتيجية مناخاً إيجابياً يساعد أطراف التفاوض للعمل معاً، وبالتالي يحسن استخدامها حين يكون المفاوضون مهتمين بالعمل معاً للتوصل إلى إتفاق يضمن تحقيق مصالح أطراف التفاوض ، وتتميز هذه الاستراتيجية بالثقة والحرية  في التعبير عن الأفكار و الاختصار وعدم المفاجأة ، ولا يتم عادة استخدام الضغط والتهديد (3).

ونرى أن استراتيجية التعاون هي الأنسب في تسوية الخلافات المتعلقة بعقود المشروعات العامة.

 والجدير بالذكر هنا أنه  يلزم تحديد اللغة  التي سوف تستخدم في التفاوض ، فإذا كانت لغة الطرفين مشتركة فلا توجد إشكالية ، أما إذا كانت لغة الطرفين مختلفة و كان الطرفين قادرين على استخدام  لغة  أي منهما، فيمكن أن تستخدم لغة أحدهما، وقد  يستخدم الطرفين لغة ثالثة إذا كانت معروفة لديهما . فاللغات هي أكثر من مجرد وسائل للتفاهم وتبادل المعلومات ، إذ يمكن أن تكون  رموزاً للهوية الوطنية فلا غرو إذا أصر أحد أطراف التفاوض على التفاوض بلغته  برغم من معرفته لغة خصمه ، فإذا اضطر المفاوض إلى استخدام مترجم فوري فليكن حريصاً في اختياره إذ يجب أن يكون هذا المترجم على خبرة واسع في الترجمة (1).

ويتم التفاوض  في الغالب عن طريق الإلتقاء المباشر، ولكن في بعض الأحيان يتم عن طريق وسائل الإتصال من مراسلات وهاتف(2).

وفي حالة نجاح عملية التفاوض تتوج الجهود بكتابة ما تم الاتفاق عليه ، ويتعين على الأطراف في هذه المرحلة الإهتمام بالجوانب التفصلية والنواحي القانونية.

وقد تنتهي عملية التفاوض دون الوصول إلى إتفاق ، و هنا يجب على المفاوض أن يكون  مستعداً للتعامل مع هذا الظرف، وقد يكون هنالك تصرفاً فردياً  من جانبٍ واحد  وغالبا ما يفرض شيئا على الطرف الآخر، وقد يكون تدخل طرف ثالث مفيداً سواء كان موفقاً أو وسيطاً  مادام  الطرفان متمسكين بموقفهما، فنجاح الوسطاء ممكن فقط إذا تساوت حالة عدم الرضى بين أطراف المفاوضات، وفي حالة فشل هذه المحاولات يكون الخيار الأخير اللجوء إلى التحكيم أو المحكمة لإنهاء النزاع (3).


(1) Alan Redfern ,Manrtain Hunter – Law and practice of international commercial arbitration –London – Sweet & Maxwell – 1986. p.16

(2) د . نادر أحمد أبو شبخة، أصول التفاوض، ص 22  – دار مجدلاوي للنشر والتوزيع – عمان 2000 بدون طبعة.

(3) Kennedy,G. Benson. And McMillan, J., Managing Negotiation, Hutchinson, Business Books,  Limited, (1987) London, P.15.

(1)  د . نادر أحمد أبو شبخة، أصول التفاوض مرجع سابق ، ص 14 .

(2)  Fowler A., Negotiation: Skills and Strategies, Institute of Personnel Management(1990), London,P.6

 (1)  Fowler A., Negotiation: Skills and StrategiesIbid.,P.3

(2) د. ثابت عبد الرحمن إدريس، مرجع سابق، ص 274 –276.

(3) د. ثابت عبد الرحمن إدريس،  نفس المرجع، ص 279.

(1) د . نادر أحمد أبو شبخة، أصول التفاوض، ص 182  – دار مجدلاوي للنشر والتوزيع – عمان 2000 بدون طبعة.

(2) د. ثابت عبد الرحمن إدريس، مرجع سابق، ص 282.

 (1)  جيرارد إ . نيرنبرج ، أسس التفاوض ، ترجمة حازم عبد الرحمن – المكتبة  الأكاديمية  القاهرة 1988م- الطبعة العربية الأولى – ص 70.

(2) د. ثابت عبد الرحمن إدريس ، مرجع سابق، ص 294.

(3) جيرارد إ . نيرنبرج ، مرجع سابق– ص 216

(1)   يراجع : د . نادر أحمد أبو شبخة، مرجع سابق ، ص 67

 : و د. ثابت عبد الرحمن إدريس ، مرجع سابق، ص 291،290

(2)   د. ثابت عبد الرحمن إدريس ، مرجع سابق، ص 311 .

(3) د . نادر أحمد أبو شبخة، مرجع سابق ، ص 31

 

 

  إشترك في القائمة البريدية

  إبحث في الموقع