لدى محكمة الإستئناف
فيما بين
............................. ـ مُستأنف
ضــد
.......................... ـ مُستأنف ضده
إستئناف مدني رقم (.........)
أولاً : من حيثُ الشكل :
بتاريخ 22/12/2002م ، صدر حُكم في الدعوى المدنية رقم (....../.....) ، بإلزام المُدعى عليه بأن يؤدي مبلغ مليون جنية للمدعي ورسوم المحكمة والأتعاب الإتفاقية البالغ قدرها =/250.000 جنية .
وحيثُ أنَّ الإستئناف الماثل قد قُدم ضمن مدة الإستئناف المُقررة قانوناً ، مما يكون معه الإستئناف مقبول شكلاً.
ثانياً : إحالة وتمسك :
بداءة يتمسك المُستأنف ـ المُدعى عليه ـ بكافة ما سبق وأن أبداه من دفوع وأوجه دفاع في الدعوى أمام محكمة أول درجة ، إذ المُقرر أن يترتب على الإستئناف نقل موضوع الإستئناف برمته إلى محكمة الإستئناف وإعادة طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ، لتقول كلمتها فيه عملاً بمبدأ الأثر الناقل للإستئناف.
وحيثُ أنَّ الحُكم المطعون فيه قد جاء معيباً ومشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق المستأنف في الدفاع وبالفساد في الإستدلال ومُخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في فهم وتطبيق القانون ، لذا فإنَّ المُستأنف يطعن فيه بالإسئناف الماثل وذلك للأسباب التالية :
أسباب الإستئناف :
ثالثاً : طلب محو الإسفاف والعبارات الغير لائقة الواردة بمذكرة الإدعاء الختامية ، إعمالاً لسلطة المحكمة التقديرية وقانون المحاماة :
وردت بمذكرة الإدعاء الختامية ، والموقعة من المُستأنف ضده شخصياً بجلسة 18/12/2002م ، عبارات شتى تُسئ إلى وكيل المُستأنف كما تُسئ إلى المُستأنف وتنعته وإبنه المُشتري بأقزع الأوصاف ، متجاوزاً الإدعاء بذلك حدود اللياقة ومتجاوزاً حقه في الدفاع وخروجاً عن آداب الترافع المعروفة ، إذ أنَّ ما أورده المُستأنف ضده من عبارات تجاوز مقتضيات حق الدفاع المشروع الذي كفله القانون للمتقاضيين.
فالمشرع قد توخي من المادة (.....) من قانون المحاماة الحد من الطعن في شرف الخصوم ، وفي كرامة الغير طلب شطب العبارات التي تثبت في محاضر الجلسات أو في الأوراق والمذكرات التي تُقدم للمحكمة ، ونسترشد في ذلك بآداب الكتابة ، وبأصول المُناظرة والترافع ، وبنزاهة القلم ، وعفاف اللسان ، ذلك أنَّ أدب الدين والدنيا قد كان خير الجدل من أعتف عن اللذعات الجارحة في الذمة وفي الشرف والعرض وفي الكرامة.
إذ يتعين على المُحامي الاَّ يتهم الناس وشخصيات الخصوم بغير مقتضي ، فلا يُطلق لسانه ولا قلمه بالطعن يميناً وشمالاً بالقذف والسب ، مما يوصم فعله بعدم التحلي بآداب مهنة المحاماة وأخلاقها.
لما تقدم نلتمس من عدالة محكمة الإستئناف إعمالاً لسلطتها التقديرية إصدار الأمر بمحو تلك العبارات الغير لائقة الواردة بمذكرة الإدعاء الختامية ، بما يُسجل إقرار الشرعية وإحترام القضاء وحق الزمالة ، ومن ثمَّ تقاليد المحاماة الرفيعة.
رابعاً : خطأ محكمة الموضوع في تكييف الدعوى تكييفاً قانويناً صحيحاً ، وفي إسناد نصوص القانون الواجبة التطبيق :
لا ريب أنَّ التكييف القانوني هو إعمال القاعدة القانونية وإرساؤها على ما يثبت من وقائع الدعوى ، وبالتالي فهو وصف لهذه الوقائع وإبرازها كعناصر وقيود للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق عليها.
ولا شك أنَّ التكييف القانوني السليم للدعوى منوط بمحكمة وقاضي الموضوع ، إذ أنه يُعين في تحديد المراكز القانونية للخصوم ، والقانون الواجب التطبيق ، ومن ثمَّ تحديد نقاط النزاع الجوهرية التي من شأنها حسم النزاع القائم.
ومتى أدلى الخصوم بطلباتهم ودفوعهم وأسانيدهم ، ومتى تقدَّم الخصم بما لديه من أدلة وأوجه دفاع ، ومتى إستخلصت المحكمة الصحيح من وقائع الدعوى ، وجب عليها أن تأخذ من القانون القاعدة الواجبة التطبيق أخذاً صحيحاً ، لأنَّ وظيفة المحكمة أن تُعمل حُكم القانون ولأنَّ هذا يُستشف ضمناً من سائر طلبات الخصوم ودفوعهم.
والمُستقر قضاءاً أنَّ تحصيل فهم الواقع في الدعوى من سلطات محكمة الموضوع ، أما تكييف هذا الفهم وتطبيق القانون عليه فإنه يخضع لرقابة المحكمة الأعلى درجة في هذا الشأن.
وتأسيساً على ما تقدم ، وبإنزال تلك المبادئ والتقريرات سالفة الذكر على وقائع هذه الدعوى ، يبين أنَّ المبلغ المحكوم به ثابت وبإقرار المُستأنف ضده في رده على طلب التفاصيل الفقرة ( 1 ) بأنه يُمثل الجزء المتبقي من ثمن بيع العقار رقم ( ..... ) الكائن .............. ، كما ذكر المُستأنف ضده أيضاً في الفقرة ( ) من رده على طلب التفاصيل بأنَّ البائع هو المدعو ( ............. ) وأنَّ المُشتري هو المدعو ( ............... ) إبن المُستأنف.
أي أنَّ المُستأنف ضده لم يكن بائعاً ولا مُشترياً ، وبالتالي فإنَّ بقية ثمن البيع مُستحق للبائع (.........) ، وليس للمُستأنف ضده .
وهذا ما يؤكده مُستند الدفاع رقم ( ) ، والذي أعده المُستأنف ضده وحرره بخط يده وأمهره بتوقيعه بوصفه شاهداً فيه ، والذي يُقر فيه البائع ( ........... ) بأنه باع العقار رقم ( ....... ) للمُشتري بملبغ =/37.000.000 جنيه ، وأنه إستلم مبلغ =/35.000.000 نقداً ، وبالتالي فإنه بداهة يكون البائع (............) مستحق لباقي الثمن وليس المُستأنف ضده .
وقد زعم المُستأنف ضده في رده على طلب التفاصيل الفقرة ( 4 ) ، بأنَّ المُستأنف قد وافق بحضور البائع ( .......... ) على سداد هذا المبلغ له بإعتباره أتعاب محاماة مُستحقة نظير الجهد الذي بذله المُستأنف ضده للبائع (........... ) في دعوى إبطال الهبة.
وفي ضوء ما تقدم ، يبين أنَّ التكييف القانوني السليم للدعوى هو إدعاء المُستأنف ضده نشوء حوالة حق بينه وبين البائع ، وأنَّ الأخير ( .............. ) قد وافق على نقل حقه القائم بذمة المُشتري إلى المُستأنف ضده .
وهذا التكييف يقتضي تطبيق أحكام وشروط حوالة الحق المنصوص عليها في قانون المعاملات المدنية.
من جماع ما تقدم ، يتضح أنَّ محكمة أول درجة لم يُحالفها التوفيق في تكييف الدعوى تكييفاً قانونياً صحيحاً ، مما قادها تبعاً لذلك إلى صياغة نقاط نزاع غير سليمة ولا تحسم النزاع القائم حسماً قاطعاً وعادلاً.
فمحكمة أول درجة لم تتطرق مطلقاً لمناقشة حوالة الحق المزعومة ، ولا لشروطها أو أحكامها ، كما أنها لم تتحقق من صحة إدعاء المُستأنف ضده من أنَّ البائع ( ............) قد نقل له حقه في باقي ثمن البيع ، وإنما إفترضت خطأ صحة هذا الزعم ، وبالتالي إفترضت أيضاً نشوء الإلتزام في ذمة المُستأنف ، ومن ثمَّ كيَّفت مُستند الإدعاء رقم ( 2 ) بإعتباره إقراراً صادراً من المُستأنف ، وإستمرت بناءاً على هذا الأساس المعيب في نظر الدعوى ومناقشة شروط صحة الإقرار.
لما كان ذلك ، وكان واضحاً أنَّ محكمة أول درجة قد جانبها الصواب في تكييف الدعوى على الوجه القانوني السليم ، مما قادها بالضرورة إلى تطبيق نصوص في قانون الإثبات لا تنطبق ولا تحكم الواقعة المعروضة ، بدلاً من تطبيق أحكام الحوالة وشروطها ، مما يوصم حكمها المطعون فيه بالخطأ في تحصيل الواقع وتطبيق القانون ، وبالتالي يستدعي إلغاؤه .
خامساً : خطأ محكمة الموضوع في صياغة نقاط النزاع ، وإغفالها لصياغة نقاط نزاع جوهرية أخرى كان من شأنها حسم النزاع برمته :
من المُستقر قانوناً وقضاءاً أنَّ تحديد نقاط النزاع أمر تستلزمه العدالة كضمان لتوفير الطريق الأمثل في حسم النزاعات ، الإ أنه ليس بالضرورة إعتبار كل إغفال لتحديدها مخالفة تستوجب قطعاً إلغاء الحكم بصفة دائمة ، أما إذا كان لذلك الإغفال أثره في البت في الدعوى فإنه يتعين إلغاء الحُكم وإعادة الحُكم للمحكمة الدنيا بعد تحديد نقاط النزاع لمحاكمتها مرة أخرى في ضوء تلك النقاط .
" لطفاً : الدكتور محمد الشيخ عمر ـ شرح قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م ـ الجزء الأول (الدعوى) ـ صفحة 283".
ومؤدى ذلك أنَّ إثبات نقطة النزاع المحددة سيؤدي الى حسم النزاع بشأنها ، ومن ثمَّ يُعين محكمة الموضوع في الإهتداء للقرار الصائب والعادل .
وتفريعاً عن ذلك ، أنه لا جدوى من صياغة نقاط نزاع إذا كان أمر إثباتها لا يؤدي إلى حسم النزاع ، أو إذا كانت نقطة النزاع نفسها غير مُختلف عليها بين المتقاضيين.
وتطبيقاً لما تقدم ، فإنَّ نقطة النزاع الأولى التى حددتها محكمة الموضوع ليست محل خلاف ، إذ أنَّ المُستأنف لم يُنازع في تحريره للمستند المُقدم ، بل أنه يقر بأنه قد سدد للبائع مبلغ =/1.000.000 جنيه وأنَّ المبلغ المتبقي هو =/1.000.000 جنيه وأنه بقية ثمن البيع المُستحق للبائع (........... ).
فهذه النقطة لم تكن تحتاج لأن تُصاغ كنقطة نزاع لكونها لم تكن مُنازعة أصلاً ، فضلاً عن أنَّ إثباتها لا يؤدي إلى حسم النزاع .
كذلك الحال بالنسبة للشق الأول من نقطة النزاع الثانية " أم أنَّ المبلغ المُطالب به جزء من مُقابل شراء المنزل رقم ( .......) الكائن بـ............. " .
فهذه النقطة قد أقرَّ بها المُستأنف ضده صراحة في رده على طلب التفاصيل الفقرة ( 1 ) ، وبالتالي لم يكن هنالك مسوغاً لأيرادها ضمن النقاط المتنازع عليها.
" نقاط النزاع يجب أن تتضمن الوقائع الأساسية التى أنكرها الطرف الآخر إذا لم يعترف بها ، وعلى ذلك فإنَّ نقطة النزاع ليست إلا واقعة أساسية أنكرها المتقاضي الآخر أي لم يعترف بها ".
" لطفاً : الدكتور محمد الشيخ عمر ـ شرح قانون الإجراءات المدنية ـ الجزء الأول (الدعوى) ـ صفحة 283".
أما بشأن إغفال محكمة الموضوع لنقطة نزاع جوهرية كان من شأنها حسم النزاع برمته ، فهذا الأمر قادها إليه التكييف الخاطئ للدعوى من بدايتها.
فالمادة ( 73 ) الففرة ( 1 ) ( ج ) تنص على وجوب أن تشتمل المذكرة على الوقائع الموضوعية وأدلة الإثبات التى تؤيدها .
فالمستأنف ضده قد إدعى في الفقرة ( 4 ) من رده على طلب التفاصيل بأن البائع ( ..........) قد وافق على أن ينقل للمستأنف ضده باقي الثمن المستحق من المستأنف ، الإ أنَّ المستأنف ضده لم يقيم الدليل على صحة ذلك الإدعاء حسب متطلبات القانون .
وكان جديراً بمحكمة الموضوع أن تًصيغ نقطة نزاع بشأن هذا الإدعاء المزعوم من المستأنف ضده في ظل إنكار المُستأنف الصريح لهذه الحوالة المزعومة ، والواضح من رده على عريضة الدعوى ومن الدفع القانوني المتعلق بعدم إنعقاد حوالة الحق بالشكل الذي تطلبه القانون.
الإ أنَّ محكمة الموضوع قد أغفلت صياغة نقطة النزاع المتعلقة بحوالة الحق ، بل إفترضت ـ دون دليل ـ صحة إدعاء المستأنف ضده بموافقة البائع ( ........... ) على نقل حقه في باقي الثمن إليه ، ومن ثمَّ إسترسلت في إعتبار أنَّ هذا المبلغ مُستحق للمُستأنف ضده ، وبالتالي ناقشت مستند الإدعاء رقم ( 2 ) على أنه إقراراً صادراً من المُستأنف ، بالمخالفة لما تطلبه القانون ، الأمر الذي يدعو إلى إلغاء الحكم المطعون فيه ، وإعادة الدعوى للفصل فيها مرة أخرى بعد صياغة نقط النزاع التى أغفلت المحكمة تحديدها إبتداء.
" إذا ثبت أنَّ المحكمة لم تفصل في الأمر الذي إدعاه الخصم وأنكره عليه الآخر أو قضت في الأمر ولكن بصورة غير سليمة فإنَّ ذلك يكون مدعاة لألغاء حكمها وإعادة القضية من أجل إعادة محاكمنها بعد صياغة نقاط النزاع التى أغفلت المحكمة تحديدها إبتداء ".
" لطفاً : الدكتور محمد الشيخ عمر ـ شرح قانون الإجراءات المدنية ـ الجزء الأول (الدعوى) ـ صفحة 283".
" إذا إتضح من الملف ، أنَّ المحكمة لم تتطرق لمضمون تلك النقطة ـ نقطة النزاع ـ أو تطرقت لها ولكن بطريقة خاطئة ، فإنَّ حكمها عندئذٍ فقط ، يكون واجباً إلغاؤه ".
" لطفاً : الدكتور محمد الشيخ عمر ـ شرح قانون الإجراءات المدنية ـ الجزء الأول (الدعوى) ـ صفحة 289".
وإزاء ما تقدم ، فإنَّ الحكم المطعون فيه يكون جديراً بالإلغاء للخطأ في تطبيق القانون .
سادساً : القصور في التسبيب ، والإخلال بحق المستأنف في الدفاع :
إذا كان المُشرع يوجب تسبيب الأحكام تسبيباً جدياً ، فذلك لتحقيق غائة مؤداها أن يكون الحُكم عنواناً للحقيقة ، وأن يكون مُقنعاً للخصوم ، وحتى تتمكن محكمة الإستئناف من التحقق من صحة الأسباب التي بُنى عليها الحُكم ، وبالنالي التأكد من أنَّ النتيجة التي إنتهى إليها الحكم في منطوقة صحيحة قانوناًُ ومتماشية مع الثابت من وقائع الدعوى .
وترتيباً على ذلك ، يُعد قصوراً في أسباب الحكم الواقعية إذا أغفلت المحكمة وقائع هامة ، أو مسختها ، أو أغفلت الرد على دفاع جوهري كان ن شأنه أن يُغير وجه الرأي في الدعوى ، أو لم تورد الرد الواقعي والكافي على دفوع الخصوم الجوهرية .
كذلك إستقر الفقة والقضاء على أنَّ قاضي الدعوى لا يجوز له أن يُغفل الرد على دفاع جوهري أذا ثبت أنه يُغير وجه الرأي في الدعوى ومؤثراً في النتيجة التي إنتهى إليها الحُكم ، كما لا يجوز له أن يطرح ما يُقدم له تقديماً صحيحاً من دفوع أو أدلة أو أوراق مؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يورد في حُكمه ما يُبرر هذا الإطراح بأسباب خاصة .
وعلى هدي ما تقدم ، فإنَّ المُستأنف قد أبدى العديد من الدفوع القانونية والموضوعية أمام محكمة أول درجة متمثلة في الدفع بعدم إنعقاد حوالة الحق قانوناً ، وحق المُشتري في حبس الثمن ، والدفع بعدم التنفيذ ، وإنتفاء صفة المستأنف في المُطالبة ببقية الثمن ، وكان من الممكن أن يُحسم النزاع في مراحله الأولى لو أنَّ محكمة الموضوع تمعنت في الدفوع المقدمة ، الإ أنَّ محكمة الموضوع قد أغفلت كل تلك الدفوع إغفالاً تاماً ولم تتصدى أو تتعرض لها بالتمحيص أو التفنيد ولم تبينها في حيثيات حُكمها بما يُفيد مناقشتها وإطراحها ، مما يلحق بحكمها المطعون فيه شائبة القصور في التسبيب والإخلال بحق المستأنف في الدفاع ، وبالتالي يتعين إلغاؤه.
سابعاً : عدم إنعقاد حوالة الحق على الوجه الذي تطلبه القانون :
أفاد المُستأنف ضده في رده على طلب التفاصيل الفقرة (4) بأنَّ مبلغ المطالبة ورغم كونه جزءاً من ثمن بيع العقار إلا أنَّ المُستأنف قد وافق بحضور البائع (المدعو /............) على سداد هذا المبلغ للمدعي بإعتباره أتعاب محاماة نظير الجهد الذي بذله في دعوى ابطال الهبة.
وبإفتراض جدلي محض بصحة مزاعم المُستأنف ضده جميعها ، فإن التكييف القانوني السليم للوقائع المذكورة هو حوالة حق ، مما يتعين معه تطبيق شروطها وأحكامها.
فالمادة (506) الفقرة (أ) من قانون المعاملات المدنية والتى تنطبق تماماً مع الوقائع الماثلة في هذه الدعوى.
" الحوالة نقل الدين والمطالبة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه وهي عقد لازم…..…"
كما أوجب القانون ضرورة توافر شروط عامة لصحة الحوالة منها وحسب ما تقضي به المادة (507) الفقرة (1) والفقرة (5) الآتي:
يشترط لصحة الحوالة رضا المحيل والمحال عليه والمحال له ..
وكذلك الفقرة (5) من ذات المادة حيث تنص على التالي:
(5) باستثناء عقود الحوالة السارية عند صدور هذا القانون ، يشترط أن يكون عقد الحوالة كتابة وأن يجدد كتابه.
ومُفاد ذلك أنَّ المشرع قد اشترط كتابة عقد الحوالة كما اشترط تجديدها كتابة أيضاً ، وهذا شرط وجوبي لا يغني عنه أي شيء آخر.
فهل أبرز المُستأنف ضده أي دليل كتابي يفيد انعقاد حوالة الحق بينه (المحال له) والبائع (المحيل) كتابة ، وبشروطها التي تطلبها القانون؟؟
وغنى عن البيان ، أنه وطالما أنَّ المُستأنف ضده قد عجز عن إثبات إنعقاد حوالة الحق بالشكل الذي استوجبه القانون ، وطالما أنه عجز عن تقديم دليل انعقاد الحوالة المكتوب ، فبالتالي تتلاشى صفة المُستأنف ضده في المطالبة بباقي ثمن البيع والمستحق سلفاً للبائع المدعو (..........) ، والذي يحبسه المُستأنف ممارسة لحقه القانوني في حبس الثمن لحين قيام البائع بتنفيذ ما عليه من إلتزامات.
إذ يصبح واضحاً وبشكل جلي ، عدم وجود أي صلة أو علاقة قانونية بين المُستأنف والمُستأنف ضده تخول الأخير المطالبة بهذا المبلغ.
وتأسيساً على ما تقدم ، وحيث الثابت قطعاً إفتقار الدعوى لدليل إنعقاد حوالة الحق المكتوب بين المحيل والمحال له حسبما يتطلبه القانون ، فإن الدعوى تكون مستحقة الرفض لعدم قيامها على سند صحيح لا من حيثُ الواقع ولا القانون.
ثامناً : الفساد في الإستدلال :
أورد الحُكم المطعون فيه في حيثياته ما مؤداه أنَّ مستند الإدعاء رقم ( 2 ) هو إقراراً صادراً من المُستأنف ، وهذا في حد ذاته خطأ جسيم آخر إنزلقت فيه محكمة أول درجة عند تفسيرها لمضمون المستند المذكور على أنه إقراراً من المُستأنف .
وغني عن البيان أنَّ الظروف المُحيطة ووقائع الدعوى نفسها تفسران بأنَّ مُستند الأدعاء رقم ( 2 ) ليس إقراراً، وإنما تعهداً صادراً من وكيل المشتري الي المستأنف ضده بصفته وكيلاً ظاهراً للبائع يلتزم بموجبه المستأنف بسداد الثمن المستحق أصلاً للبائع.
وهذا التفسير يؤكده واقع الحال ، علاوة على إقرار المستأنف ضده صراحة بأنَّ المبلغ المُطالب به هو بقية ثمن بيع العقار رقم (........) الكائن بالـ................... ، ويؤكده أيضاً مستند الدفاع رقم ( ) والذي يبين منه أن المبلغ مستحق للبائع (...........) وأنَّ المستأنف ضده قد وقَّع على المستند بإعتباره شاهداً على ذلك.
فكيف إنتقل هذا الحق من البائع إلى المستأنف ضده ؟؟ حتى يُفسر هذا المستند بأنه إقراراً لمصلحة المستأنف ضده ؟؟!!.
ومن ناحية أخرى ، فإنَّ المعلوم أنَّ الإقرار في ذاته مُقرر أي كاشف عن الإلتزام وليس مُنشئاً له ، ذلك أنَّ إنشاء الحق غير الإعتراف به .
ومُفاد ذلك أنه ، وحتى نعتبر أنَّ مستند الإدعاء رقم ( 2 ) إقراراً بالمعني القانوني ، فينبغي أن يكون الإلتزام قد نشأ سلفاً في ذمة المستأنف قبل إقراره به ، وبالتالي ، إذا أزحنا هذا المُستند جانباً ، فما هو الإلتزام الناشئ في ذمة المُستأنف للمستأنف ضده .؟ وما هو سببه ؟ حتى نعتبر أنَّ مستند الإدعاء رقم ( 2 ) هو إقراراً بهذا الإلتزام الذي يدعيه ؟.
كذلك أورد الحكم المطعون فيه أنَّ شاهد الدفاع (............) قد أكدَّ بأنَّ المبلغ المطلوب يخص المستأنف ضده .
وهذا أيضاً خطأ وقعت فيه محكمة الموضوع عندما إعتمدت على إفادة الشاهد كأساس يثبت أحقية المُستأنف ضده لمبلغ المطالبة ، ومن ثمَّ بنت حُكمها عليه.
لأنَّ نص المادة ( 507 ) الفقرتين ( 1 ) و ( 5) من قانون المعاملات المدنية واضح وصريح بشأن حوالة الحق وكيفية إثباتها .
" يُشترط لصحة الحوالة رضا المُحيل والمحال عليه والمُحال له ".
فهل قدَّم المستأنف ضده ما يُفيد رضا المحيل ؟ فلا هو أحضره كشاهد للإستيقان من رضاه ولا هو مختصم في الدعوى ولا أحضرت موافقة مكتوبة منه بالحوالة .
وكذلك الفقرة ( 5 ) من ذات المادة ، تشترط أن يكون عقد الحوالة كتابة وأن يُجدد كتابة.
فهل أبرز المستأنف ضده أي دليل كتابي يُفيد إنعقاد حوالة الحق بينه والبائع ؟؟.
وبالتالى فلا مجال لقبول أي بينة أو قرينة أو حتى شهادة الشهود لأثبات إستحقاق المستأنف ضده لمبلغ المطالبة المتنازع عليه الإ بتقديم حوالة الحق المكتوبة حسبما تتطلبه المادة ( 507 ) آنفة الذكر.
" ولا إجتهاد في مورد النص الصريح "
كذلك أوردت محكمة الموضوع في أسباب حكمها المطعون فيه أنه لم يثبت لديها أنَّ هناك إتفاقاً بأنَّ المبلغ محبوس لحين إخلاء المستأجر ودفع متأخرات الكهرباء والماء ، وأنَّ ذلك لم يكن سوى مُطالبة حصلت بعد البيع ولم تجد قبولاً من المستأنف ضده .
وهذا خطأ آخر يُضاف إلى جملة الأخطاء التى ينوء بها الحُكم الطعين ، فالإلتزام بتسليم المبيع خالياً من أية إلتزامات سابقة على تاريخ البيع هو من الإلتزامات الجوهرية والقانونية التي تقع على عاتق البائع بنص القانون ، وبالتالي فليس هناك ما يدعو للإتفاق عليها أو ذكرها في العقد في ظل وجود النص القانوني الصريح.
تنص المادة ( 190 ) من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م الفقرة ( 1 ) على :
" يلتزم البائع بتسليم المبيع الى المُشتري مجرداً من كل حق آخر ....... ".
ومؤدي هذا النص أن يلتزم البائع بتطهير المبيع من كل حق سابق على تاريخ البيع ، وأن يفي بجميع الإلتزامات التى على المبيع بحيث يُسلم للمشتري خالياً من أي إلتزامات .
كما تنص المادة ( 197 ) كذلك الفقرة ( 1 ) على :
" يضمن البائع سلامة المبيع من أي حق للغير يعترض المشتري إذا كان سبب الإستحقاق سابقاً على عقد البيع ".
فهذان الإلتزامان يقعان بقوة القانون على كاهل البائع ، ومن ثمَّ فلا حوجة للمُستأنف لأن يُثبت بأنه كان هناك إتفاقاً مع البائع بأن يفي بما عليه من إلتزمات متمثلة في سداد متأخرات الكهرباء والماء والعوائد أو إخلاء المستأجر .
وأما القول بأنه لم يكن هناك إتفاق على حبس الثمن ، فهو أيضاً قول غير مقبول ومردود عليه بأنَّ الحق في حبس الثمن والدفع بعدم التنفيذ هما من الحقوق التى خولها القانون بصريح نصوصه للمتعاقدين لأجبار التعاقد الآخر للوفاء بما عليه من إلتزمات سنداً لنص المادة ( 132 ) من قانون المعاملات المدني.
وبالتالي فإنَّ ممارسة المُستأنف لهذا الحق القانوني لا يكون في حاجة للإتفاق عليه مع المستأنف ضده أو البائع ، كما أنَّ له الحق في ممارسته في أي وقت كان طالما أنَّ هناك تقصير أوإخلال من المتعاقد الآخر بالوفاء بما عليه من إلتزامات.
وبالتالي فإنَّ الحق الذي يستند إلى نصوص القانون لا يحتاج إلى إقامة دليل أو تقديم بينة لأثبات الإتفاق عليه بين الأطراف .
ومن نافلة القول ، الإشارة إلى أنَّ الحكم المطعون فيه قد أورد في حيثياته أنَّ شاهد الإدعاء الأول قد أفاد بكذا ... وكذا ، رغم خلو ملف الدعوى مما يفيد سماع أي شاهد إدعاء ، ورغم عدم وجود شهود إدعاء من الأساس ؟!!.
لهذه الأسباب ولأية أسباب أخرى تراها عدالة محكمة الإستئناف أفضل ، يلتمس المستأنف الحكم :
1/ قبول الإستئناف شكلاً .
2/ إلغاء الحُكم المُستأنف لعدم الصحة والثبوت.
3/ إلزام المستأنف ضده بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام ، ، ،
المحامي/...........................
وكيل المستأنف
موضوع ذو صلة:
.مرافعة الدفاع الختامية في إحدى الدعاوى المدنية ـ دعوى المطالبة بمبلغ وارد في إيصال أمانة.