الإثنين, 23 كانون1/ديسمبر 2024
Blue Red Green

  • أخبار سريعة
أخبار قانونية: وفاة رئيس القضاء السوداني مولانا حيدر احمد دفع الله - السبت, 24 تشرين2/نوفمبر 2018 18:45
الرئيسية بحوث قانونية شروط وآثار حيازة المال غير المباح مع تقادم الزمان في الفقه الإسلامي والقانون

شروط وآثار حيازة المال غير المباح مع تقادم الزمان في الفقه الإسلامي والقانون

شروط وآثار حيازة المال غير المباح مع تقادم الزمان في الفقه الإسلامي والقانون.

(ملحوظة: هذا البحث منشور في المجلة القضائية لسنة 2008م)

 

الباحث : مولانا/ الطيب الفكـي موسـى قاضي المحكمة العليا

 معنى الحيازة في اللغة: 

جاءت الحيازة في اللغة بمعنى الاستحقاق ، فإذا حاز شخص أرضاً وبين حدودها يكون مستحقاً لها دون غيره وجاءت بمعنى الجمع والضم فكل من ضم شيئاً إلـى نفسه فقد حازه . وجاءت بمعنى التنحية والإنفراد وجاءت بمعنى الإحراز ([1]).

 معنى الحيازة في اصطلاح الفقهاء:

معنى الحيازة في اصطلاح الفقهاء لا يخرج عن معناه في اللغة فجمهور الفقهاء يعبرون عن الحيازة بوضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه خاصة عندما يتحدثون عن أثر اليد في الإثبات من حيث التفريق بين المدعي والمدعى عليه فيجعلون واضع اليد مدعى عليه لأن الظاهر يشهد له بوضع يده ويجعلون الطرف الآخر مدعياً لأن الظاهر لا يشهد له ، ويرجحون بينة ذي اليد عندما لا يوجد مرجح غيرها عند التكافؤ . أما التعبير بالحيازة فلا يتعرض إليه جمهور الفقهاء إلا في حالات قليلة ومن ذلك أن الأحناف عندما يتحدثون عن شروط الموهوب يشترطون أن يكون محوزاً أي غير مشاع فيما يقسم لأن هبة المشاع فيما لا يقسم لا تجوز عندهم ([2]).

 

 وأكثر الفقهاء استعمالاً لكلمة الحيازة المالكية خاصة عندما يتحدثون عن الحيازة وتقادم الزمان وقد فسروا هذه الحيازة بوضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه ([3])0

معنى الحيازة في القانون:

تنص المادة 631(1) من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م على الآتي : ( الحيازة سلطة فعلية يباشرها الحائز بنفسه أو بوساطة غيره على شيء مادي بحيث تكون في مظهرها الخارجي وفي قصد الحائز مزاولة للملكية أو لحق عيني آخر.

 وعليه فإن الحيازة في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء وفي القانون تعني وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه سواء كان هذا الشيء مالاً مباحاً أو غير مباح. وحيازة المال المباح يطلق عليها الفقهاء إحراز المباحات وإحياء الأرض الموات . أما حيازة المال غير المباح فهي حيازة المال الذي تعلق به حق الغير سواء كان ذلك الغير مالكاً أو منتفعاً . فالحيازة إن كانت مستندة على حق يعترف به الشارع للحائز كحيازة المالك والمنتفع تكون حيازة محترمة وتجد الحماية من الشارع ولا يجوز التعدي عليها . أما الحيازة التي لا تستند لحق يعترف به الشارع للحائز كحيازة السارق المغتصب فهي حيازة غير محترمة ولا تجد الحماية من الشارع بل تجد منه العقوبة الرادعة.

 ولكن هنالك نوع من الحيازة لا يكون فيها الحائز مالكاً للمال المحاز وليس له سند على تملكه أو الانتفاع به ومع ذلك يقوم بحيازته بحسن نية معتقداً أنه مال مباح ويظل حائزاً له السنين الطوال ويتصرف فيه تصرف المالك فيما يملك ويكون لهذا المال مالك حقيقي يرى هذا الحائز يحوز ماله ويتصرف فيه السنين الطويلة تصرف المالك فيما يملك ولا يعترض على هذا التصرف وليس له عذر شرعي يمنعـه من الاعتراض من غيبة بعيدة أو خوف أو إكراه أو صغر أو جنون ، فهل من حقه بعد هذا الزمان الطويل أن يطالبه بهذا المال ؟ وهل تسمع دعـواه أم لا تسمع ؟ وهل يكسب الحائز هـذا المال بحيازتـه الطويلة ؟

 للإجابة على هذه الأسئلة وبالرجوع لأقوال الفقهاء نجد أنهم لم يدرجوا الحيازة وتقادم الزمان ضمن أسباب كسب الملكية المتفق عليها لأنهم قسموا أسباب كسب الملكية إلى ثلاثة أقسام :- القسم الأول : الأسباب المنشئة للملكية وهي إحراز الأموال المباحة والقسم الثاني الأسباب الناقلة للملكية وتشمل العقود الناقلة للملكية من بيع وهبة ونحوها 0 والقسم الثالث : أسباب منشؤها خلافة الإنسان لغيره في الملك وتشمل الميراث والوصية0

 أما حيازة المال غير المباح مع تقادم الزمان فقد تعرض لها فقهاء الحنفية والمالكية والأباضية بالبحث والتحليل ووضعوا لها شروطاً كثيرة ورتبوا عليها أثاراً معينة . وقـد جعل الحنفية الحيازة تقادم الزمان مانعة مـن سماع الدعوى أي تمنع المالك من سماع الدعـوى بعد اكتمال شروطهـا ولا تكسب الحائز الملكية ([4]).

 أما المالكية فقد جعلوا للحيازة وتقادم الزمان شروطاً كثيرة ورتبوا على اكتمالها عدم سماع الدعوى وأنها دالة على الملكية للحائز ويرى بعضهم أنها توجب الملك للحائز إذا ادعى الملك وحلف اليمين . واستدلوا على ذلك بالأدلة النقلية والعقلية ، وقد أوردوا الحديث المرسل الذي رواه سعيد بن المسيب وزيد ابن أسلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حاز شيئاً عشر سنين فهو له " ([5]). واستدلوا كذلك بالعرف والعادة ، لأن العرف والعادة يقضيان بأن من يترك ماله في يد غيره يتصرف فيه تصرف المالك المدة الطويلة وهو حاضر ساكت ولا عذر له في المطالبة بحقه فإن ذلك دليل على عدم أحقيته لهذا المال ودليل على صدق الحائز في ادعائه الملك ، وذلك لأن العادة جرت على أن الإنسـان لا يسكت من المطالبة بحقه تلك المدة إلا لعذر شرعي . فإن سكت بلا عذر فإن دعـواه يكذبها العرف وكل دعـوى يكذبها العرف تكون غير مسموعة ([6]).

 فقهاء الأباضية يتفقون مع المالكية في أن الحيازة المكتملة الشروط تقطع حجة المدعي وتمنعه من سماع الدعوى وتوجب الملك للحائز 0 وشروط الحيازة عندهم لا تختلف عن شروط المالكية إلا في القليل 0 واستدلوا على حكم الحيازة بحديث مرفوع رواه الربيع بن حبيب نصه كما يلي: (( أبوعبيدة عن جابر ابن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم )) ( من حاز أرضاً وعمرها عشر سنين والخصم حاضر لا يغير ولا ينكر فهي للذي حازها ولا حجة للخصم فيها ) ([7]) 0

 ويرى فقهاء الأباضية أن العمل بنظام الحيازة يقوم على أسباب عملية تتعلق باستقرار المعاملات بين الناس وهي أنه لا ينبغي أن يفتح الباب للناس لإثارة دعاوى ضد أناس حازوا أموالاً منذ زمن بعيد توارثوها عن أبائهم وأجدادهم مع حضور من يدعونها الآن وعـدم اعتراضهم وإنكارهـم طيلة تلك المـدة بلا عذر شرعي وذلك أنه بطول الزمان يموت الشهود وتضيع الوثائق ، وعليه يتعين قفل هذا الباب لتبقى الأموال بيد حائزيها بعد أن يحلفوا اليمين على أن لا حق للخصوم فيها ويستحقها الحائزون بهذه المدة الطويلة ([8])0

 حكم  الحيازة وتقادم الزمان للمال غير المباح في القانون:

 اعتبر قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م الحيازة وتقادم الزمان سبباً من أسباب كسب الملكية في الباب التاسع عشر منه وخصص لذلك الفصل الثالث وعنوانه كسب الملكية بالحيازة وأورد شروط وحكم الحيازة في المادة (649) وجعل عنوانها التقادم المكسب للملكية 0 ولكن نص هـذه المادة لم يرد فيه أن الحيازة تكسب الملكية ، بل نص على أنها مانعة من سماع الدعوى0

 وتنص المادة (649)على ما يلي:

1-  من حاز بحسن نية وسبب صحيح منقولاً أو عقاراً أو حقاً عينياً على منقول أو عقار باعتباره ملكاً له دون انقطاع لمدة عشر سنوات فلا تسمع عليه عند الإنكار دعوى الملك أو دعوى الحق العيني من شخص ليس بذي عذر شرعي.

2-  " يجب توافر حسن النية طوال مدة الحيازة ".

 3- " لأغراض البند (1) يعني السبب الصحيح:

 (أ ) الاستيلاء على الأراضي الموات.

 (ب) انتقال الملك بالإرث أو الوصية.

 (ج) الهبة بين الأحياء بعوض أو بغير عوض.

 (د ) البيع الرسمي أو العرفي.

  وتنص المادة (635) على ما يلي :

" إذا اقترنت الحيازة بإكراه أو حصلت خفية أو كان فيها لبس فلا يكون لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب ".

 من هاتين المادتين يتضح أن للحيازة ثمانية شروط هي كما يلي:

1-     حسن النية

2-     السبب الصحيح

3-     إدعاء الحائز ملكية الشيء المحاز

4-     أن تتم الحيازة علنية لا خفاء فيها

5-     أن تكون الحيازة واضحة لا لبس فيها

6-     أن تتم الحيازة بلا إكراه

7-     استمرار الحيازة عشر سنوات دون انقطاع

8-     سكوت المدعي عن المطالبة بحقه بلا عذر .

 وسوف أتكلم عن كل شرط من هذه الشروط بإيجاز كما يلي:

  إشترك في القائمة البريدية

  إبحث في الموقع

  • أخبار قانونية

  • عقود

  • جرائم محلية

  • قواعد فقهية