الخميس, 14 تشرين2/نوفمبر 2024
Blue Red Green

  • أخبار سريعة
أخبار قانونية: وفاة رئيس القضاء السوداني مولانا حيدر احمد دفع الله - السبت, 24 تشرين2/نوفمبر 2018 18:45
الرئيسية بحوث قانونية شروط وآثار حيازة المال غير المباح مع تقادم الزمان في الفقه الإسلامي والقانون

شروط وآثار حيازة المال غير المباح مع تقادم الزمان في الفقه الإسلامي والقانون - الشرط الأول : حسن النية

  الشرط الأول : حسن النية :

يشترط القانون لصحة الحيازة أن يكون الحائز حسن النية وقد عرفت المادة (637) حسن النية بالآتي :

 1- يعتبر الحائز حسن النية إذا كان يجهل أنه يعتدي عل حق الغير إلا إذا كان الجهل ناشئاً عن خطأ جسيم.

2- حسن النية يفترض ما لم يقم الدليل على العكس أو ينص القانون على خلاف ذلك.

وتنص الفقرة الثانية من المادة (649) على الآتي :

" يجب توافر حسن النية طوال مدة الحيازة ".

 من هذه النصوص يتضح أن حسن النية هو جهل الحائز أنه يعتدي على حق الغير أي أنه حين استيلائه على الشيء المحاز لم يكن يعلـم أنه ملك لأحد ، بل يعتقد أنه ملكه إلا إذا بنى اعتقاده هذا على خطأ جسيم .

 تقابل المادة (965) من القانون المدني المصري.

 يقول الدكتور السنهوري في كتابه الوسيط ج 9 ص 865 في شرح هذه المادة ما يلي :

" ومتى جهل الحائز أنه يعتدي على حق الغير فإنه يعتبر في الأصل حائزاً حسن النية ، ومع ذلك قد يكون في جهله أنه يعتدي على حق الغير ارتكب خطأ جسيماً فقد يكون في شرائه العين من غير المالك مثلاً في استطاعته العلم بحقيقة الأمر لو أنه بذل أقل جهد في التحري عنه ، ومع ذلك يقدم على الشراء في رعونة ودون مبالاة ، فإذا حاز العين التي اشتراها من غير المالك فإنه يكون قد ارتكب خطأ جسيماً في جهله أنه بحيازته هذه يتعدى على حق الغير ، ذلك أن الخطأ الجسيم ملحق بسوء النية فسوء النية أمر عسير الإثبات أو هو حق يتعلق بالنوايا الخفية فيؤخذ الخطأ الجسيم قرينة عليه وتكون القرينة غير قابلة لإثبات العكس.

وقد عرفت المادة (1176) من القانون المدني الأردني حسن النية بالآتي:

" يعد حسن النية من يحوز الشيء وهو يجهل أنه يعتدي على حق الغير ويفترض حسن النية ما لم يقم الدليل على غيره يلاحظ أن القانون الأردني لم يعتد بالخطأ الجسيم كما فعل المشرعان السوداني والمصري واكتفى بجهل الحائز بأنه يتعدى على حق الغير ، ونرى أن ما ذهب إليه القانون الأردني أصوب لأن القانون أتاح للمدعي إثبات أن الحائز كان سيئ النية في حيازته وكان الواجب أن يترك إثبات الخطأ الجسيم لأدلة المدعي على سوء نية الحائز.

 يشترط القانون توافر حسن النية طوال مدة الحيازة وهذا يعني أن الحائز إذا علم فـي أي وقت أثناء مدة الحيازة أنه يحوز مال غيره يعتبر سيئ النية ولا تنفعه الحيازة بعـد ذلك ولو طال أمدها 0 والقانون السوداني في هذه الجزئيـة يختلف مع القانون المصري إذ تنص المادة (969) منه علـى الآتي: [ 1- لا يشترط توافر حسن النية إلا وقت تلقي الحق ]0 فالقانون المصري يعتبر الحائز حسن النية ولو علم أنه يعتدي على حق الغير بعد مدة قصيرة من حيازته التي كان يجهل فيها أنه يتعدى على حق الغير0 فلا يشترط عنده توافر حسن النية طوال مدة الحيازة أنظر في ذلك الوسيط للدكتور السنهوري ج 9 ص 1110 ].

 ونرى أن ما ذهب إليه القانون السوداني من اشتراط توافر حسن النية طيلة مدة الحيازة سديد وذلك لأن الحائز إذا علم أنه يتعدى على حق الغير لا ينبغي أن يكون حسن النية فقط عند تلقي الحق مع علمه ببطلان سنده بعد العقد لكتمانه الحق بعد ظهوره.

الشرط الثاني: السبب الصحيح:

 يشترط القانون في الحائز لكي تكون حيازته صحيحة أن يكون له سبب صحيح تلقى به هذا الحق ، وقد فسرت الفقرة الثالثة من المادة (649) السبب الصحيح بما يلي :

(أ ) الاستيلاء على الأراضي الموات.

(ب) انتقال الملك بالإرث أو الوصية .

(ج) الهبة بين الأحياء بعوض وبغير عوض.

(د) البيع الرسمي أو العرفي.

 ويلاحظ أن هذه الأسباب التي ذكرت في هذه المادة هي نفسها أسباب كسب الملكية التي تكسب بها الأموال 0 فإذا تمسكنا بظاهر النص واعتبرنا أن الحائز قد حاز بواحد من هذه الأسباب المذكورة أعلاه فلا يكون هنالك معنى لوجود الحيازة والتقادم ، لأن هذه الأسباب وحدها كافية لاكتساب الحائز الملكية دون حاجة لحيازة ولا تقادم ما دام هذا السبب الصحيح صدر للحائز من المالك الحقيقي كما يفهم من ظاهر النص.

 ولذلك أرى أنه لا بد من تصحيح هذا النص ليتلاءم مع الحكمة التي أوجبت العمل بالحيازة والتقادم كسبب من أسباب كسب الملكية 0 ولا يمكن تصحيح ذلك إلا إذا جعل السبب الصحيح تصرفاً قانونياً صدر للحائز من غير المالك الحقيقي وظن الحائز بحسن نية أن هذا التصرف صدر من المالك الحقيقي وظل على هذا الظن حائزاً له حتى إنقضاء مدة الحيازة  ‘ والمالك الحقيقي حاضر يراه يحوز ماله ولا يعترض بلا عذر شرعي ، ففي هذه الحالة يكون هنالك مبرر لمنع سماع دعوى المدعي.

 في حقيقة الأمـر أن القانون السوداني اقتبس معنى السبب الصحيح من القانون المصري ، وبرجوعنا للقانون المصري اتضح لنا أنه جعل التقادم المكسب للملكية نوعين – النوع الأول هو التقادم الطويل ويسري على العقار و المنقول وبه يكسب الحائز ملكية الشيء المحاز إذا استمرت حيازته خمس عشره سنه ، سواء كان حسن النية أو سيئها له سبب صحيح لهذه الحيازة أم لا وقد نصت على ذلك المادة (968) كما يلي : " من حاز منقولاً أو عقاراً دون أن يكون مالكاً له ، أو حاز حقاً عينياً على منقول أو عقار دون أن يكون مالكاً له ، أو حاز حقاً عينيناً على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصاً به كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة "، والنوع الثاني هو التقادم القصير ومدته خمس سنوات ولا ينطبق حكم هذا التقادم إلا على العقار وذلك لأن حائز المنقول إذا كان له سبب صحيح وكان حسن النية فإنه يكسب ملكية المنقول في الحال دون حاجة إلى تقادم استناداً لقاعدة ( الحيازة في المنقول سند الملكية ) أما العقار فلا بد فيه مع حسن النية والسبب الصحيح أن تمضي على حيازته خمس سنوات لتكسبه الملكية كما تنص على ذلك المادة (969) من القانون المدني المصري 0 وقد عرفت هذه المادة السبب الصحيح بأنه سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو صاحباً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم ويجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون ، من هذا يتضح أن السبب الصحيح في القانون المصري هو تصرف قانوني ناقل للملكية كالبيع والوصية صادر من شخص غير مالك للشيء المحاز أو صاحب حق عليه ويجب أن يكون هذا السبب مسجلاً ، ويتعاقد الحائز مع من قدم إليه هذا السند باعتباره مالكاً للعقار أو على حق عيني عليه وهو حسن النية فـي هـذا التعاقد وتستمر حيازته خمس سنوات . وحماية لهذا الحائز حسن النية شرع التقادم القصير ليكسب بموجبه الشيء المحاز بعد مضي هذه المدة ( أنظر في ذلك الوسيط للسنهوري ج 9 ص 1084).

 ولذلك ينبغي تفسير السبب الصحيح في القانون السوداني كما فسره القانون المصري حماية للحائز حسن النية.

 الشرط الثالث: إدعاء الحائز ملكية الشيء المحاز:

يشترط قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م لصحة الحيازة أن يدعي الحائز ملكية الشيء المحاز يفهم ذلك من نص الفقرة الأولى من المادة (649) التي جاء بها ( باعتباره ملكاً له ) فهو عند حيازته يعتقد أنه المالك للشيء غير معتد على حق الغير 0 أما إذا اعتمد على مجرد الحيازة دون إدعاء الملكية فلا تفيده الحيازة مهما طال أمدها0

يقابل هذا الشرط نص المادة (1181) من القانون الأردني والتي يشترط ‘ إدعاء الحائز ملكية الشيء المحاز 0 أما القانون المصري فلم يشترط إدعاء الحائز الملكية بل على العكس من ذلك فقد نص صراحة في المادة (968) على أن الحائز الذي يحوز مالاً مملوكاً لغيره مدة خمسة عشرة عاماً يكسب ملكية هذا المال حتى ولو كان يعلم أنه مملوك لغيره فلا يوجد شرط بجانب الحيازة إلا استمرارها دون انقطاع خمس عشرة سنة.

وقد اقتبس القانون السوداني شرط إدعاء الحائز الملكية من مذهب المالكية والأباضية الذين لا يعتدون بالحيازة إلا إذا ادعى الحائز ملكية الشيء المحاز ولا يفيد الحائز اعتماده على مجرد الحيازة مهما طال الزمان كما لم يعتدوا بحيازة من يعلم أن المال المحاز ليس ماله وأنه دخله بإجارة أو إعارة أو غصب وما شابه ذلك.

وعليه يكون قانون المعاملات المدنية قد اتفق مع فقهاء المالكية والأباضية فيما ذهبا إليه من اشتراط إدعاء الحائز ملكية الشيء المحاز 0 وهو شرط ينبغي اعتباره والاعتداد به حتى لا يفتح المجال للمعتدين والمغتصبين للاعتداء على أموال الناس ووضع أيديهم عليها مع علمهم بأنها مملوكة لغيرهم والتمسك بتقادم الحيازة لكسبها بها.

الشرط الرابع: إنتفاء الإكراه والغصب:

يشترط القانون لصحة الحيازة أن تتم بلا إكراه ولا تعد ولا غصب من الحائز فإذا استولى عليها بالإكراه أو التعدي فلا تفيده مهما طال زمانها وقد نصت على ذلك المادة (635) 0

 تقابل هذه المادة / المادة (949) من القانون المدني المصري 0 يقول الدكتور السنهوري في شرح هذه المادة ما يلي : "وتكون الحيازة معيبة بعيب الإكراه أو عدم الهدوء إذا حصل عليها صاحبها بالقوة أو بالتهديد وبقي محتفظاً بها دون أن تنقطع القوة أو التهديد الذي حصل عليها به 0 فما دام قد حصل عليها بهذا الوجه فإن حيازته تكون مشوبة بعيب الإكراه ما دامت القوة أو التهديد باقياً لم يتقطع " ([9]) وتقابل المادة (1172) من القانون المدني الأردني 0

وفقهاء المالكية والأحناف والأباضية لا يعتدون بالحيازة التي تتم عن طريق الإكراه والتعدي ويعبر عن ذلك فقهاء المالكية بخوف المحوز عليه من سطوة الحاكم يقول ابن فرحون : ( ويشترط في الحيازة أن يكون المحوز عليه غير خائف من الحائز )([10])0

ويقول ابن عابدين ( في جامع الفتوى عن فتاوي العتابي قال المتأخرون من أهل القبول : لا تسمع الدعوى بعد ست وثلاثين سنة إلا أن يكون المدعي غائباً أو صبياً أو مجنوناً وليس له ولي أو المدعى عليه أميراً جائراً ) ([11])0

 ويقول شارح كتاب النيل : " لا تجوز الحيازة فيما كان أصله أمانة أو ما كان أصله تعديه ) ([12])0

 الشرط الخامس: أن تكون الحيازة علنية:

 يشترط القانون لصحة الحيازة أن يحوز الحائز المال علناً بلا خفاء بحيث يشاهده عامة الناس يتصرف فيه تصرف المالك ولا يعترض المالك الحقيقي على هذه الحيازة مع قدرته على الاعتراض وعدم العذر الشرعي في ذلك0

 أما إذا كانت حيازة الحائز خفية كمن حاز جزءاً من أرض جاره الملاصقة لأرضه خفية دون أن يشعر الجار بهذا التعدي فإن حيازة الحائز في هذه الحالة تكون معيبة بعيب الخفاء ولا يترتب عليها أثر مهما طال الزمان ، كنص المادة (635)0

 تقابل هذه المادة / المادة (1946) من القانون المدني المصري والمادة (1172) من القانون المدني الأردني.

 تعرض فقهـاء المالكية والأباضية لهذا الشرط تحت عنوان حضور المحوز عليه ورؤيته للحائز يحوز ماله ولا يعترض عليه طـوال مدة الحيازة بلا عذر شرعي وهذا يقتضي أن تكون حيازة الحائز علنية لا خفاء فيها ([13]).

 للمالكية تفصيل دقيق في تكييف حضور المحوز عليه وذلك لأن الحائز قد يكون في حكم الغائب إذا لم يعلم بحيازة الحائز أو لم يعلم أن المال ماله 0 فهذا لا تكون الحيازة عاملة في حقه مهما طال الزمان 0 وقد يكون الغائب في حكم الحاضر ويكون في حالة الغيبة التي لا تؤثر على حيازة الحائز لماله فهذا يعد كالحاضر 0 فإذا سكت بعد قدومه ورؤيته للحائز يحوز ماله بلا عذر شرعي سقط حقه في الدعوى 0 وقد اختلف فقهاء المالكية في تحديد مدة الغياب التي يكون فيها الغائب في حكم الحاضر 0 لأنهم كانوا يقيسون المسافات بالأيام ويحددون القرب والبعد بما تستغرقه المسافة بسير الجمال المعتاد لأنها كانت الوسيلة المعتادة للسفر في عهدهم فمنهم من يرى القرب يومين ومنهم من يراه أربعـة أيام ومنهـم من يراه سبعـة أيام ولذلك اختلفت فتاواهم في القرب والبعد ([14]).

 والأحناف أيضاً يشترطون لصحة وضع اليد أن يكون المدعي حاضراً يرى المدعى عليه يحوز ماله ولم يعترض بلا عذر شرعي حتى إنقضاء المدة المحددة لوضع اليد 0 ففي هذه الحالة لا تسمع دعوى المدعي 0 أما إن كان المدعي غائباً أو له عـذر شرعي يمنعه من المطالبة فدعـواه تسمع مهما طال أمـد وضع اليد (أنظر في ذلك الفتاوي المهدية في الوقائع المصرية للشيخ محمد العباس المهدي ج 4 ص 31 ).

  إشترك في القائمة البريدية

  إبحث في الموقع

  • أخبار قانونية

  • عقود

  • جرائم محلية

  • قواعد فقهية