الإثنين, 23 كانون1/ديسمبر 2024
Blue Red Green

  • أخبار سريعة
أخبار قانونية: وفاة رئيس القضاء السوداني مولانا حيدر احمد دفع الله - السبت, 24 تشرين2/نوفمبر 2018 18:45
الرئيسية بحوث قانونية قضاء غير المسلم

قضاء غير المسلم

 قضاء غير المسلم

 (ملحوظة: هذا البحث منشور في المجلة القضائية لسنة 2004م)

 

الباحث : مولانا/ حافظ الشيخ الزاكي رئيس القضاء السابق وأستاذ القانون بجامعة الخرطوم

يشترط الفقهاء لتولي القضاء شرط الإسلام ، ويعللون ذلك بعدة أسباب أهمها:

1- أن القضاء من الولايات العامة وأن غير المسلم لا تكون له ولاية على المسلم ، ويحتجون لذلك بقوله تعالى [ ولن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاُ ] الآية (141) من سورة النساء.

2- أن غير المسلم لا تتوفر فيه العدالة المطلوبة لأداء الشهادة وتولي القضاء.

3- أن غير المسلم ينقصه العلم بالأحكام الشرعية ، وهي المعرفة بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة والفقهاء.

4- أن غير المسلم قد تحمله عداوته للإسلام على ظلم المسلمين ، لأنه يفتقد الوازع الأخلاقي الذي يعصمه من الظلم.

وسـوف نناقش فيما يلـي هـذه الأسباب وأدلتها لنرى مـدى قوة حجتهم:

 أولاً : ولاية القضاء:

 قسم الفقهاء الولايات إلى أقسام مختلفة وذلك على النحو التالي:

 1-   ولاية عامة في الأعمال العامة : الوزراء

2-   ولاية عامة في أعمال خاصة : أمراء الأقاليم.

3-   ولاية خاصة في أعمال عامة : قاضي القضاة /نقيب الجيش /حامي الثغور.

4-   ولاية خاصة في أعمال خاصة : قاضي البلد / نقيب الجيش / حامي ثغره / جابي صدقته([1]).

 إن ولاية القاضي قد تكون ولاية عامة أو تكون ولاية خاصة . فإن كانت ولايته عامة فهي تتضمن النظر في أمور عشرة تجدها في كثير من عهود القضاة ، منها : الفصل في المنازعات ، واستيفاء الحقوق ، والولاية على الغير والمجنون ، والنظر في الأوقاف ، وبتنفيذ الوصايا ، وتزويج الأيامي ، وإقامة الحدود.

وأما ولاية القاضي الخاصة فتخصص بالنظر في قضية معينة ، أو في ناحية معينة من المدينة ، أو خلال مدة معينة من الزمن ، أو بين أشخاص محدودين ، أو وفقاً لمذهب معين ، فالتخصيص يكون بالزمان والمكان والمذهب ([2]).

يذكر الدكتور وهبة الزحيلي ([3]) نقلاً عن الإمام ابن القيم في الطرق الحكمية ([4]) أن القضاء ولاية عامة كالوزارة ، فلا يصلح للتعيين فيه إلا من كان مستكملاً أوصافاً معينة مستلهمة من صنيع الخلفاء الراشدين الذين كانوا يتشددون في اختيار القضاة وفقاُ لأهلية معينة ، وقد اشترط الفقهاء لتولي القضاء عدة شروط اتفقوا على بعضها واختلفوا في أخرى ، ومن الشروط المتفق عليها : العقل والبلوغ والحرية والإسلام وسلامة الحواس والعلم بالأحكام الشرعية.

الشروط المختلف فيها فهي : العدالة والذكورة والاجتهاد.

وقد قسم الفقهاء الوزارات إلى وزارة التفويض ووزراء التنفيذ ، فأما وزارة التفويض فهي أن يستوزر الإمام من يفوض إليه تدبير الأمور برأيه وإمضاءها على اجتهاده ، فهي تشبه رئاسة الوزارة أو نائب الرئيس اليوم ، وهو أخطر منصب بعد الخلافة ، إذ يملك الوزير المفوض كل اختصاصات الخليفة ، كتعيين الحكام والنظر في المظالم ، وقيادة الجيش ، وتعيين القائد ، وتنفيذ الأمور التي يراها.

وأما وزارة التنفيذ فهي أقل مرتبة من وزارة التفويض ، لأن الوزير فيها ينفّـذ رأي الإمام وتدبيره ، وهو وسط بينه وبين الرعايا والولاة ، يؤدي عنه أوامره ، وينفذ آراءه ، ويمضي أحكامه ، ويبلغ من قلدهم الولاية أو تجهيز الجيوش ، ويعرض عليه ما ورد منهم وتجدَد من أحداث طارئة . فليس له سلطة الاستقلال بالتوجيه والرأي والاجتهاد.

ولا يشترط في وزير التنفيذ الحرية ولا الإسلام ولا العلم بالأحكام الشرعية ، أي الاجتهاد مما هو مطلوب في وزير التفويض.

وزارة التنفيذ هي التي لا يكون لصاحبها تدبير الأمور باجتهاده ، وإنما يكون عمله قاصراً على تنفيذ أوامر الخليفة والتزام آرائه ([5]).

لا يشترط الفقهاء في وزير التنفيذ أن يكون حراً ، ولا أن يكون عالماً ، ولكنهم اشترطوا فيه أن يكون رجلاً لضعف النساء وملازمتهن الحجاب . وأجازوا أن يكون من أهل الذمة ، واستوجبوا فيه من الصفات : الأمانة ، وصدق اللهجة ، وقلة الطمع ، والبعد عن الهوى ، والسلامة من عداوة الناس ، وحدة الذكاء ، وقوة الذاكرة ، ليصدق فيما يؤديه.

يرى أبن تيمية رحمه الله تعالى أن القاضي اجتمعت فيه ثلاث صفات: فهو من جهة الإثبات شاهد ، ومن جهة الأمر والنهي مفت ، ومن جهة الإلزام ذو سلطان ، ولذلك يشترط فيه ما يشترط في هؤلاء الثلاثة . فهو كشاهد تشترط فيه العدالة . وهو كمفتٍ يشترط فيه العلم والتقوى . وهذا العلم لا يُشترط أن يكون شاملاً ، بل يكفي أن يكون القاضي عالماً بموضوع اختصاصه فمن ولي قاضياً للجنايات يُشترط فيه العلم بالجنايات ، ولكن لا يُشترط فيه العلم بالمواريث.

وهو كسلطان تُشْتَرَط فيه القوة أو القدرة على تنفيذ الأحكام . وما يُشْتَرَط من الشروط في القضاة تجب مراعاته بحسب الإمكان ، وأما مع العجز فإنه يختار الأمثل فالأمثل ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها([6]).

  إشترك في القائمة البريدية

  إبحث في الموقع

  • أخبار قانونية

  • عقود

  • جرائم محلية

  • قواعد فقهية